الأدب المقارن

* – مدخل:
1 – تمهيد:
– نقدم بين يدي الطالب نبذة موجزة عن الأدب المقارن تتمثل في نقاط مركزة وخطوط عريضة حول الدرس، وعلى الطالب اللجوء إلى المصادر لاستكمال معلوماته. قائمة المصادر والمراجع متوفرة ومحتواها متاح للتحميل. تجدون الرابط على قائمة الدروس.
– يحتوي البرنامج على مواد يتعلم من خلالها الطالب أبجديات الأدب المقارن، منها تعريف الأدب المقارن، النشأة، مناهج الأدب المقارن، الأجناس الأدبية، النماذج الأدبية، تاريخ الأدب، الصورة الأدبية، عوامل التأثير، عومل عالمية الأدب وغيرها. غير أن هذه المواد تدرس أيضا في السداسيين الثاني والثالث وبصورة أعمق.
– على الطالب الاهتمام بالأدب المقارن، فهو يمكنه من الاطلاع على آداب الأمم الأخرى ويحفزه على تعلم اللغات والترجمة.
– في المدخل يتعرف الطالب على مصطلح الأدب المقارن في مختلف اللغات، والمدلول التاريخي لهذا العلم، والمؤثرات الأدبية وأنواعها.
– السرقات الأدبية لا تعني التأثر، كما أن التأثر الحرفي هو بمثابة تقليد أعمى لا يفيد اللغة الوطنية ولا يستفيد منه الأدب الوطني كما يضر بالأصالة والتقاليد.
– التشابه يعني أحد الأدبين تأثر بالآخر، أو كلاهما تأثر بأدب ثالث، لذا على الدارس البحث عن الصلات التاريخية بينهما، وأحيانا قد لا يتوصل الباحث إلى أي صلة لبعد الفترة بينهما. فيعد مثل هذا التشابه مجرد صدفة أو توارد خواطر حسب البعض والبعض الآخر لا يبدي أي اهتمام بالصلات التاريخية أصلا.
– بين المقارنة والموازنة والمقابلة: فالموازنة تعنى بدراسة آداب الأمة الواحدة، وأما المقابلة فهي تخص المقابلة بين اللغات واللهجات، وخلافا لذلك، فالمقارنة تهتم بدراسة آداب الأمم المختلفة باختلاف لغاتها. فالموازنة إذن، تعد من النقد الأدبي لا من الأدب المقارن.
– ومن جهة أخرى فإن الأدب المقارن شيء وعلم اللغة المقارن شيء آخر، فالمذكرات التي تتحدث عن تأثير لغة في لغة، لا تعد من الأدب المقارن، بل هي تندرج ضمن علم اللغة المقارن أو اللسانيات المقارنة حسب طبيعة الموضوع. أما تأثير لغة في أدب أو تأثير أدب في لغة فقد يندرج هذا الموضوع ضمن الدراسات الأدبية وكذلك الدراسات اللغوية.
– التأثر يعني المطالعة والمثاقفة، ومن لم يتأثر فهو لا يقرأ الكتب ولا يفيد الأدب الوطني في شيء ولا يشتهر بين الناس في وطنه وخارج وطنه.
– الأدب المقارن يعرض الحقائق ويشرحها تاريخيا، كيف نشأ الأدب، وكيف انتقل من بيئة إلى أخرى، ما هي المراحل التي مر بها، وما مدى اكتسابه لخصائص جديدة واحتفاظه مع ذلك بخصائصه التي كانت له في منشأه الأول.
– الأدب المقارن والتاريخ: اعتمدت مدرسة الأدب المقارن عند تأسيسها في فرنسا على التاريخ، لذا فهي تتبنى المنهج التاريخي في مقارنتها بين الآداب. والتاريخ عنصر مهم في هذا الحقل المعرفي، فهو يبين أصالة الأدب وتطوره عبر العصور، غير أنه لا ينبغي الاستغراق في عنصر التاريخ على حساب جماليات الأدب، لذا فبعض المدارس تستهجن اعتماد المدرسة الفرنسية على المنهج التاريخي.
– اللغات الأجنبية: على الباحث الاهتمام باللغات الأجنبية فهي تعد عنصرا مهما في الدراسات المقارنة، لأن الباحث ينبغي عليه قراءة النصوص بلغتها الأصلية ويستعين بالترجمة إن اقتضى الأمر. غير أنه لا ينبغي استخدام اللغات الأجنبية في تهميش اللغة الوطنية، بل ينبغي الاستفادة من هذه اللغات في تنمية لغتنا الوطنية.
– والترجمة أيضا عنصر ضروري في مثل هذه الدراسات، فبفضل الترجمة ارتقت بعض الآداب إلى العالمية ومن خلال الترجمة أيضا نستطيع معرفة هذه الآداب وطبيعتها، لذا يجب على المجتمع الاهتمام بترجمة الآداب الوطنية والأجنبية وأيضا العلوم الأخرى، وخاصة المجتمعات التي يكتب ويقرأ أهلها بأكثر من لغة.
– وأما التيارات الفكرية والفلسفية والأدبية فهي تعد أيضا من المصادر الأساسية التي يرجع إليها الباحث عند مقارنته للآداب المختلفة، فهذه المدارس التي ينتمي إليها كتاب ومفكرون من أمم مختلفة قد تكون المصدر الذي من خلاله يتأثر هؤلاء الكتاب بعضهم ببعض.
2 – التعريف:
– الأدب المقارن علم حديث يعتمد على المقارنات بين الآداب المختلفة على أساس التأثيرات المتبادلة بينها وهو علم يسعى لإبراز التواصل الثقافي بين الأمم.
– لقد أطلق على الأدب المقارن مسميات عدة لم يشتهر منها سوى اصطلاح « الأدب المقارن ». وكان أبل فيلمان (Abel François Villemain) الفرنسي (ت 1870م) أول من أطلق سنة 1829م مصطلح « المقارنة الأدبية ».
– أما جان جاك أمبير (Jean-Jacques Ampère) (ت 1864م) فقد استخدم سنة 1848م مصطلح « التاريخ المقارن ». وكان سانت بوف (Charles-Augustin Sainte-Beuve) (ت 1869م) قد استعمل سنة 1871م مصطلح « تاريخ الآداب المقارنة ». وأما بوسنيت (Hutcheson Macaulay Posnett) (ت 1927م) فقد أصدر كتاباً بعنوان « الأدب المقارن » سنة 1886م.
– وقد استعمل فان تيجم وجان ماري كاريه وبالدنسبرجر اصطلاح « تاريخ العلاقات الأدبية الـدولية » وهم من الرواد الأوائل في فرنسا.
– ولكن اصطلاح « الأدب المقارن » هو الاصطلاح الأكثر شيوعا في جميع لغات العالم رغم اختلافه بين اللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية.
– عُرف هذا العلم عند الفرنسيين باسم (littérature comparée) وعُرف في الإنجليزية باصطلاح (comparative literature)، ومعناه بالفرنسية « الأدب المقارَن » بفتح الراء، وبالإنجليزية « الأدب المقارِن » بكسر الراء.
– اختلفت الآراء حول ماهية الأدب المقارن تبعاً لاختلاف المدارس الأدبية والفنية ومدارس النقد في أوروبا، ومع ذلك فإن ميدان الأدب المقارن ليس ميدانا نقديا.
3 – المفهوم:
– وليس الغرض من المقارنة معرفة جوانب تفوق عمل أدبى على آخر، ولا الموازنة أو المقابلة، ولكن المقصود دراسة الأدب الوطني في علاقته التاريخية بغيره من الآداب المختلفة في نطاق اللغة الوطنية التي كتب بها.
– إذن، فالأدب المقارن كاصطلاح هو العلم الذى يبحث ويقارن بين العلاقات المتشابهة بين الآداب المختلفة في لغات مختلفة، والعلاقات المتشابهة لا بد أن يتوفر فيها عنصر التأثير. غير أن بعض المدارس لا تشترط عنصر التأثير، وقد يرجع ذلك إلى أسباب تاريخية أو أيديولوجية.

***

* – نشأة الأدب المقارن:
– نشأ الأدب المقارن في غرب أوروبا خلال القرن التاسع عشر نتيجة جهود النقاد والأدباء في فرنسا وإنكلترا وألمانيا. والمدرسة التاريخية هي أول مدارس الأدب المقارن التي أسسها الفرنسيون، فهم يزعمون أن الأدب المقارن ظهر في أواخر القرن التاسع عشر مع ظهور المنهج التاريخي.
– غير أن المدارس الأخرى ترى أن هذا العلم ظهر قبل ذلك بكثير، فالدراسات المقارنة النظرية والتطبيقية التي ظهرت منذ أوائل القرن التاسع عشر تعد من الأدب المقارن، وأن الصلات التاريخية التي تشترطها المدرسة التاريخية ليست معيارا ضروريا في نشأة واكتمال الأدب المقارن.
– غير أن الظاهرة سبقت المفهوم، فالتأثير الأدبي ظهر منذ وجود الأدب، ومن ذلك المؤثرات الأدبية العربية والفارسية وتأثير الأدب اليوناني في الأدب الروماني، وغيرها.
– ونتيجة لظروف مختلفة كالهجرة والاستيطان أدى ذلك إلى اكتشاف آداب الآخر ومحاكاة الأدباء. كان هوراس (Horace) (ت 8 ق.م) في « فن الشعر » يدعو الرومانيين إلى محاكاة اليونانيين.
– فقد تأثر الرومان بكتب اليونان الأدبية والفلسفية وشتى الفنون الأخرى. أبرزهم فيرجيل اللاتيني (Virgile) (ت 19 ق.م) الذي تأثر في « الإنيادة » (Enéide) بهوميروس (Homère) -عاش في القرن الثامن قبل الميلاد- في الإلياذة (Iliade) والأوديسا (Odyssée). كما أن هوراس نفسه تأثر بشعراء اليونان الذين سبقوه.
– ويعد الشاعر الفرنسي جان دورا (Jean Dorat) (ت 1588م) من أوائل النقاد الذين أشاروا إلى الأثر اليوناني على الآداب الرومانية دون أن يتطرق إلى الصلات التاريخية بينهما.
– أما بتراركا الإيطالي فكان على دراية بالشعر العربي في القرون الوسطى، فهو يفتخر بتفوق الشعر الإيطالي على الشعر الأوروبي لكنه يتحسر على عدم بلوغه ما بلغه شعر العرب.
– وفي العصر الأموي والعباسي ترجم العرب معظم النصوص اليونانية إلى العربية ثم ترجمها الأوروبيون في القرون الوسطى من العربية إلى اللاتينية.
– وكان الفرنسيون في عصر النهضة يدعون إلى محاكاة قدماء اليونان والرومان للنهوض بأدب اللغة الفرنسية، والاعتماد على الأصل بدلا من النصوص المترجمة. وهذا ما شجع الطلاب والباحثين إلى تعلم اللغة اليونانية والرومانية.
– لا يجوز محاكاة الأدباء من اللغة نفسها، لأن مثل هذه المحاكاة تؤدي إلى جمود اللغة وركودها. المحاكاة ليست تقليدا محضا، وإنما هي السير على هُدى نماذج بمثابة قدوة للكاتب.
– محاكاة الآداب القديمة يؤدي إلى ظهور أجناس أدبية جديدة، إذا كانت هذه الآداب من لغة أخرى. على أن المحاكاة يجب ألا تمحو أصالة الكاتب. وكان أرسطو (Aristote) (ت 323 ق.م) أول من دعا إلى محاكاة الطبيعة. ومحاكاة الأدباء هي إكمال لنظرية أرسطو.
– لقد تأثرت الآداب الأوروبية في القرنين (17م-18م) ببعضها وبالآداب الأخرى وتعرض لها النقاد بالبحث، من أمثال فولتير (Voltaire) (ت 1778م) وبعض نقاد عصره، إلا أنهم كانوا يصدرون أحكاما ذاتية بعيدة عن منهج الأدب المقارن.
– لم يتجاوز النقد في أوروبا حدود السرد حتى نهاية القرن 18 الميلادي. وفي القرن  19 الميلادي ازدهرت الآداب وتقدمت البحوث العلمية كما تعددت التراجم. فنشأ عن ذلك اتجاهات عامة مهدت الطريق إلى نشأة الأدب المقارن في هذا القرن، من بينها الحركة الرومانتيكية والنهضة العلمية.

***

* – عوامل نشأة الأدب المقارن:
هناك عوامل عدة ساهمت في تطور الاتجاهات الأدبية وعلاقتها بالمجتمع، أبرزها الحركة الرومانتيكية والنهضة العلمية.
1 – الحركة الرومانتيكية:
– عرفت الحركة الرومانتيكية (romantisme) ازدهار الفكر والأدب، كما ظهرت في عصرها التيارات الفكرية والمذاهب الأدبية.
– قامت الرومانتيكية على أنقاض الكلاسيكية (classicisme) في أواخر القرن الثامن عشر والنصف الأول من القرن التاسع عشر للميلاد في أوروبا. ظهرت في إنكلترا أولا، ثم بلدان غرب أوروبا حيث مهدت لنشأة الأدب المقارن. وجهت الدراسات الأدبية وجهة مقارنة، وكانت مبادئها في جملتها معارضة لمبادئ الكلاسيكية.
– كان العقل عند الكلاسيكيين أساس فلسفتهم في الأدب، فالشعر عندهم يعتمد على لغة العقل، ويتعارض مع الخيال والعواطف الفردية. فالشاعر ينبغي أن يعبر عن المشاعر المشتركة بين الناس والمجتمع.
– والكلاسيكيون أيضا من دعاة محاكاة أدباء اليونان والرومان لكن اعتمادا على العقل. غير أن هذا النوع من المحاكاة الذي يمجد العقل الجماعي نتج عنه ضعف الإبداع الفردي عند الشعراء، مما أدى إلى انحطاط الشعر في القرن الثامن عشر الميلادي، وكان سببا في انحدار الكلاسيكية وقيام المذهب الرومانتيكي.
– قامت الرومانتيكية على أساس الفلسفة العاطفية التي راجت في أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر للميلاد. والرومانتيكيون يستهجنون الاتجاه العقلي ويستبدلون به العاطفة والشعور.
– ومن أبرز رواد هذا التيار الشاعر الفريد دي موسه (Alfred de Musset) (ت 1857م) الذي عارض بوالو (Nicolas Boileau) (ت 1711م) في مبدئه الذي يعتمد على العقل.
– والجمال عند الرومانتيكية مرده الذوق الفردي وليس العقل الجماعي. فالفنان يخلق الجمال بفضل عبقريته الفردية وليس اعتمادا على الغير.
– كان الكلاسيكيون متمسكين بالحفاظ على العادات والتقاليد والإبقاء على الفروق الطبقية في المجتمع، خدمة للطبقة الأرستقراطية على حساب الشعب.
– أما الرومانتيكيون فهم يحاربون الطبقية ويتعاطفون مع أفراد المجتمع، ويدعون إلى تحرير المجتمع من قيود الأرستقراطيين المجحفة.
– الأدب عند الكلاسيكيين أدب أرستقراطي محافظ، غايته تلقين الفضائل الاجتماعية والحفاظ على العادات والتقاليد دون انتقادها أو مناقشتها، وهو أدب ينتصر للواجب على حساب العاطفة.
– أما الرومانتيكيون فهم يرون أن الغاية من الأدب هو استجابة للعواطف والثورة على ما يمس بحرية الفرد وحقوقه تجاه المجتمع. وهذا خلاف ما يذهب إليه الكلاسيكيون الذين انتصروا للمجتمع على حساب الفرد، ودعوا إلى احترام العادات والتقاليد كما هي.
– ومن جهة أخرى، نجد الكلاسيكيين يرسمون القواعد العامة للأجناس الأدبية، وعلى الأديب اتباع هذه الخطوط ولا ينبغي تعدي حدودها. هذه القيود تحد من حرية الكاتب. أما الرومانتيكية فقد دعت إلى احترام العبقرية الفردية، فهي حق منة حقوق الكاتب.
– وبذلك تكون الكلاسيكية ذات اتجاه محافظ، وأما الرومانتيكية فهي ذات اتجاه تحرري مبدع.
– كان الكاتب الكلاسيكي من الطبقة الوسطى يعتمد في رزقه على الطبقة الأرستقراطية، ويخضع لقوانين الكنيسة ورجال الإقطاع الذين يسيطرون على المجتمع. لذا لم يستطع الأدب الكلاسيكي تغيير أوضاع المجتمع المحافظ أو القيام بثورة.
– في حين استطاع الرومانتيكيون أن يمهدوا الطريق أمام الطبقة الوسطى للوصول إلى مقاليد الحكم، بعد أن وجدوا جمهورا عريضا ناقما على الطبقة الأرستقراطية فتعاطف معهم.
– هذا الجمهور يتمثل في الطبقة البرجوازية اعتمد عليه الكتاب بديلا عن الطبقات الأرستقراطية.
– كان الأدب الرومانسي ذا طابع إنساني شعبي يتحدث عن المشاعر والعواطف الفردية ويعبر عن آمال الطبقة الوسطى. فكان لهذا الاتجاه الثوري نتائج إيجابية في كافة المجالات، ومن بينها الأدب والنقد.
– ولما كان الرومانتيكيون لا يؤمنون بقيود الأدب، وأن الذوق يتغير من أمة إلى أخرى ومن فرد إلى آخر، نشأ « تاريخ الأدب » في القرن التاسع عشر للميلاد. وقد أثر ظهور « تاريخ الأدب الحديث » في نشأة « الأدب المقارن ».
– وأصبح النقد يبحث في حياة المؤلف وبيئته وإنتاجه الأدبي وعلاقته بالأدب القديم والمعاصر من حيث الأثر والتأثير. ومن رواد هذا المذهب الألماني شليجل (Auguste Schlegel) (ت 1845م) الذي مهد لتاريخ الأدب الحديث. وكان شليجل أول من قام بمقابلة بين الرومانتيكية والكلاسيكية وقد تبعه في ذلك المدام دي ستال (Germaine de Staël) (ت 1817م) في كتابها « حول ألماني » (De l’Allemagne).
– لقد أعجب شليجل بأدب دانتي وبتراركا وبوكاشيو لخروجهم عن تقاليد الكلاسيكية، وعدهم من الرومانسيين رغم أنهم من القرون الوسطى. لكن شليجل لم يبحث عن المصدر الذي اعتمدوا عليه في أعمالهم حتى أصبحوا رواد عصرهم.
– لقد تأثر دانتي (Dante Alighieri) (ت 1321م) في « الكوميدي » وفي الحياة « الجديدة » بمصادر عربية أدبية وصوفية، كما كان بتراركا (Francesco Petrarca) (ت 1374م) مطلعا على آداب العرب، أما بوكاشيو (Giovanni Boccaccio) (ت 1375م) فقد كتب قصص « الأيام العشرة » وكأنها فصل من فصول الليالي العربية.
– لقد ظهر أدب الرومانس في القرون الوسطى وهو يعني القصة الخيالية، لكن هذا لا علاقة له بالمذهب الرومانتيكي. وقد يكون مصطلح الرومانتيكية مشتقا من القصة المسماة الرومانس.

***

2 – أوجه الاختلاف بين الكلاسيكية والرومنطيقية:
– كان العقل عند الكلاسيكيين أساس فلسفتهم في الأدب.
– أما الرومانتيكيون فقد اعتمدوا على العاطفة، فليس من حقيقة دون جمال.
– الغاية من الأدب عند الكلاسيكيين تلقين الفضائل وهو أدب أرستقراطي.
– أما عند الرومانتيكيين فهو الاستجابة للعواطف والثورة على شرور المجتمع.
– الأدب عند الكلاسيكيين غايته الحافظ على العادات والتقاليد.
– أما الرومانتيكيون فهم يستخدمون الجمال في معناه العاطفي الإنساني.
– انتصر الكلاسيكيون للمجتمع على حساب الفرد، ودعوا إلى احترام الأعراف.
– أما الرومانتيكيون فهم يدافعون عن حقوق الفرد تجاه المجتمع.
– الكلاسيكيون يحافظون على الفروق الطبقية في المجتمع.
– أما الرومانتيكيون فهم يحاربون الطبقية ويتعاطفون مع الناس جميعا.
– يحدد الكلاسيكيون القواعد العامة للأجناس الأدبية، هذه القيود تحد من حرية الكاتب.
– أما الرومانتيكية فقد نادت بحق العبقرية الفردية للكاتب.
– كانت الكلاسيكية ذات اتجاه محافظ.
– أما الرومانتيكية فهي ذات اتجاه تحرري مبدع.

***

* – تطور النقد:
– ومن أبرز الرومانتيكيين الذين بنوا نقدهم على أسس علمية حيث مهدوا لنشأة الأدب المقارن: المدام دي ستال وسانت بوف.
1 – مدام دي ستال (ت 1817م):
– جرمان المعروفة بالمدام دي ستال، هي من أب سويسري وزوجة سفير السويد في باريس البارون دي ستال. كان لأمها ناد في باريس تعرفت فيه على الأدباء. وكانت من المعارضين لنابليون، الذي نفاها خارج فرنسا عدة مرات، حيث كانت تلجأ إلى ألمانيا.
– من كتبها « حول ألماني » وكتاب أخر « الأدب في علاقته بالنظم الاجتماعية ». وهي من دعاة لحركة الرومانتيكية في فرنسا، تأثرت بالفلاسفة والنقاد الألمان.
– كانت كثيرة الأسفار وواسعة الاطلاع على الآداب الأخرى. وكان نقدها ذا طابع علمي يبنى على التفسير والتعليل، وهذا عكس الكلاسيكية التي كانت تعتمد على التقنين والتعقيد.
– درست الأدب في مناحيه الفردية والاجتماعية، متأثرة بأدباء ألمانيا، كما دعت إلى بناء النقد على أسس فكرية.
– ورغم أنها تعتبر الأدب وليد العبقرية الفردية، إلا أنها كانت تبحث في تفسير الأدب بتأثره بالنظم الاجتماعية التي تخضع لها الأمة. فهي ترى أن الأدب صورة للمجتمع، لأنه يتأثر بالنظم الاجتماعية، كالدين والسياسة والعادات والتقاليد وغيرها من نظم الحياة التي تؤثر في الفكر والإحساس والذوق.
– كانت في نقدها تضرب الأمثال بالآداب الأخرى، وتشير إلى وجوه الشبه بينها. كما كانت تشير إلى نشأة بعض الأجناس الأدبية في الأمم الأخرى. كما دعت إلى معرفة الآداب الأخرى ودراستها في لغتها الأصلية. وكان لها الفضل في تعريف الفرنسيين بالأدب الألماني.
– وباتجاهها العلمي في النقد، كان لها الفضل في نشأة الأدب المقارن ونهضته. درست أوجه الشبه والاختلاف بين الأدب الفرنسي والألماني، إلا أنها أهملت الصلات الأدبية بعضها ببعض.
2 – سانت بوف (ت 1869م):
– درس سانت بوف الطب أولا ثم مال إلى الأدب والنقد. لقد تطور النقد على يده بفضل تخصصاته المتعدد، حيث استفاد من التشريح الطبي في التحليل الأدبي. وهو من أبرز نقاد فرنسا في عصره، ومن أشهر كتبه « بور رويال » (Port royal) عن كتّاب الجانسينية (jansénisme).
– كان يبحث في الإنتاج الأدبي من حيث دلالته على المجتمع، كما فعلت المدام دي ستال. لكنه كان يبحث أيضا في الأدب من حيث دلالته على مؤلفه. حيث اتخذ من التحليل الأدبي وسيلة في معرفة شخصية المؤلف والكشف عن دقائقها، كما كان يصدر أحكاما على المؤلفين.
– كما انتهج في نقده الاتجاه التحليلي التطبيقي مثلما فعلت المدام دي ستال. ودعا إلى موازنة النصوص الأدبية بنظائرها من أجل معرفة خصائصها بوضوح.
– ورغم اقتصاره على الأدب الفرنسي، إلا أنه كان يبحث عن عناصر تكوين الكاتب في خارج حدود أمته. فالكاتب عنده قد ينتمي إلى أسرة فكرية عالمية في الآداب الأخرى. وهذا هو جوهر الأدب المقارن، رغم أن سانت بوف لم يتجاوز الموازنات الأدبية في الأدب الفرنسي نفسه.
– يتضح مما سبق، أن الرومانتيكية كانت تدعو إلى الإفادة من الآداب الأخرى، ودراسة هذه الآداب في لغاتها الأصلية، وتوجيه النقد توجيها علميا، ثم البحث عن عناصر تكوين ثقافة الكاتب.
– ورغم تطور النقد في عهد الحركة الرومانتيكية، إلا أن الدراسات الأدبية المقارنة ظلت سطحية وغير منهجية، إلى أن ظهرت النهضة العلمية التي أدت إلى ظهور الأدب المقارن نهائيا في القرن التاسع عشر الميلادي.

***

* – النهضة العلمية الحديثة:
– يعتبر القرن 19 الميلادي عصر الدراسات النظرية والتجارب العلمية. حيث أصبحت الدراسات العلمية تبنى على أساس منهجي. كذلك شهد هذا القرن ظهور المخترعات البخارية والكهربائية. وكان لهذه النهضة تأثير كبير على الأدب والنقد.
– وأصبح العلم هو أساس المجتمع ومستقبل الإنسان. غير أن التقدم العلمي كان من الأسباب التي أدت إلى القضاء على الرومانتيكية حينما اتبع الكُتاب والنقاد مناهج العلم في الأدب والنقد.
– فاتجه الأدب إلى واقع الحياة، يعبر عن آمال وآلام الفرد بعيدا عن الخيال. وبذلك قامت الواقعية (réalisme) على أنقاض الرومانتيكية في النثر. ثم ظهرت البرناسية (parnasse) في الشعر، ولم يعد لمذهب الرومنتيكية أثر إلا ما نستشفه من عاطفة في بعض الأشعار والقصص الرومانسية.
– وبفضل العلم ظهر جمهور جديد للكتاب، هو جمهور العمال. فأصبح الكُتاب يدافعون عن العمال في أدبهم ويحرضونهم على البورجوازيين. وقد كان من قبلهم الرومانتيكيون يدافعون عن البورجوازيين ضد الأرستقراطيين.
– وكان للعلم بالغ الأثر في موضوعات واتجاهات الأدب والنقد، حيث اتجه النقاد إلى الشرح والبحث عن أصول الأفكار. ومن أشهر المفكرين في هذا العصر، داروين (Charles Darwin) (ت 1882م) الذي جاء بنظرية النشوء والتطور، ومن كتبه « أصل الأنواع » (L’origine des espèces). وعلى الرغم من أن هذه النظرية ليست لها قيمة علمية، إلا أنها راجت رواجا كبيرا.
– فظهرت بعده كتب عديدة تبحث في أصول الأشياء والنظم الاجتماعية والأديان، وتفسر الظواهر تفسيرا علميا. وقد دفع هذا الاتجاه النقاد إلى البحث في التكوين الثقافي للأفراد والأمم.
– وممن تأثروا بهذا الاتجاه، الكاتب الإنكليزي « بوسنت » في كتابه « الأدب المقارن »، الذي ظهر سنة 1881م. درس فيه تأثر الأدب بالعوامل الاجتماعية وتطورها بتطور المجتمع. كما دعا إلى الخروج من نطاق الأدب الواحد. ورغم بدائية هذه الدراسة المقارنة إلا أنها كان لها تأثير في نشأة الأدب المقارن.
– وفي هذا القرن أيضا، اتجه العلماء إلى المقارنات لاستقراء النصوص واستنباط الحقائق. فظهرت دراسات مقارنة في العلوم الطبيعية وعلوم اللغة وغيرها. وكان لهذه الدراسات تأثير مباشر في ظهور المقارنات الأدبية. فحذا تاريخ الأدب حذو هذه الدراسات في اتجاهه نحو الأدب المقارن.
– وعلى الرغم من أن الدراسات الأدبية المقارنة في هذا العصر لم تكن منهجية، إلا أن هؤلاء النقاد كانوا من الممهدين لظهور الأدب المقارن بوصفه علما.

***

* – رواد الأدب المقارن:
– ظهر في فرنسا في أواخر القرن التاسع عشر باحثون اهتموا بالعلم في نقدهم وبالصلات بين الآداب. هم تين، وباري، وبرونيتيير، وتكست.
– هيبوليت تين (Hippolyte Taine) (ت 1863م)، ناقد ومؤرخ وفيلسوف. من كتبه: فلسفة الفن، وتاريخ الأدب الإنكليزي. وهو من النقاد الذين أثروا في المفكرين والكتاب بنقدهم العلمي.
– فهو يرى أن الأدب يتأثر بالبيئة والجنس البشري. فهو يبني نظريته على التفسير العلمي للتطور، ومع ذلك ظل وفيا لمبادئ الرومانتيكية في نظرتها للمقارنة الأدبية.
– أما غاستون باري (Gaston Paris) (ت 1903م)، فقد اهتم بدراسات الأساطير والخرافات الشعبية، وكان له الفضل في إعداد جيل من المقارنين. ومن كتبه: « الشعر الفرنسي في القرون الوسطى »، و »الأدب الفرنسي في القرون الوسطى ».
– يرى جاستون باري أن الأدب الفرنسي في القرون الوسطى قد تأثر بالآداب الأخرى في نشأته. وأن الأقصوصة الشعبية المسماة الفابليو (fabliau)، قد تأثرت بالآداب الشرقية في تلك العصور. انتشرت هذه الأقصوصات في فرنسا بين القرنين 12 و14 للميلاد.
– وهي حكايات تنظم شعرا، موجهة لجمهور العامة، تنتقد مساوئ المجتمع في قالب ساخر وفكاهي بغرض التسلية، وهي لا تختلف كثيرا عن المقامات العربية التي سبقتها. ورغم تزامنها مع الأدب الفروسي في ذلك الوقت، إلا أنها لم تهتم بالمرأة كما اهتم بها الشعراء التروبادور.
– يرى باري أن التقاء الغرب بالشرق في الحروب الصليبية نقل كثيرا من هذه القصص التي كانت منتشرة بين الشعوب العربية والهندية والفارسية آنذاك.
– أما تلميذه جوزيف بيديه (Joseph Bédier) (ت 1938م) فهو لا يرى من ذلك سوى صدفة. وفي نظره، أن هذه القصص من الأدب الشعبي الذي تلتقي فيه قصص جميع الشعوب من غير تأثير أو تأثر، لسذاجتها وبنائها على الفطرة.
– لكن بيديه لم يأت ببراهين مقنعة عندما أنكر التأثير الشرقي على الفابليو. وقد تجاهل أن في الوقت الذي نشأت فيه هذه الأقصوصات لم يكن الشعب الفرنسي يعيش في حالة فطرية. ثم إن العلاقات التاريخية بين الإفرنج وبلاد المشرق والأندلس ثابتة ثقافيا وتاريخيا. غير أن نظرة بيديه الضيقة واجهت انتقادات أستاذه جاستون باري والكثير من الباحثين والمستشرقين.
– لقد وجه جاستون باري تلامذته لدراسة المسائل الأدبية دراسة مقارنة. وبذلك يكون قد أسهم في نشأة الأدب المقارن.
– وأما فرديناند برونيتيير (Ferdinand Brunetière) (ت 1906م)، الذي كان أستاذا لتاريخ الأدب والنقد في جامعة باريس، فقد دعا إلى تأسيس النقد على حقائق التاريخ والبيئة. كما درس العلاقات التاريخية والفنية والعلمية للأجناس الأدبية. وكان برونيتيير يحث الباحثين على العناية بالأدب المقارن ودراساته. كما كان يلح على ربط الفن بالأخلاق.
– غير أن برونيتيير واجه انتقادات كثيرة حول نشأة الأجناس الأدبية التي تأثر فيها بنظرية التطور لداروين. فهو يرى أن الجنس الأدبي ينشأ بعد زوال جنس آخر. لكن الأجناس الأدبية ليست مستقلة، بل تتأثر بتطور الشعوب وتقاليدها وبيئتها.
– فالنقاد الذين ذكرناهم سابقا كان لهم الفضل في نشر فكرة الأدب المقارن في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. فظهرت فيه بحوث كثيرة في فرنسا وسويسرا وإنكلترا وغيرها. غير أن هذه البحوث لم تتعرض للعلاقات الأدبية والأثر والتأثير حسب المنهج الذي يبنى عليه الأدب المقارن عند المدرسة الفرنسية.
– وترى هذه المدرسة أن الأدب المقارن اكتمل على يد الباحث الفرنسي جوزيف تكست (Joseph Texte) (ت 1900م) في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي. الذي يعود إليه الفضل في إرساء أسس الأدب المقارن الحديث. وذلك بفضل توجيه أستاذه برونيتيير، حيث انصرف لدراسة الصلات بين الآداب الأوروبية.
– لقد بين في دراسته تطور الأفكار واختلافها على حسب تطور الشعوب واختلاف أحوالها الاجتماعية. ودراسة النصوص ينبغي ربطها بالحياة الاجتماعية. ولا ينبغي إغفال جانب الصحف والمجلات والفن.
– وبذلك يكون تكست أول من تطرق إلى الصلات الأدبية في الأدب المقارن. وذلك بفضل استفادته من دروس تاريخ الآداب التي كان يلقيها أستاذه فرديناند برونيتيير في جامعة السوربون بباريس. ثم تبعه في ذلك كل من فرنان بالدنسبرجر (Fernand Baldensperger) (ت 1958م) وبول فان تيجم (Paul Van Tieghem) (ت 1948م) وجون ماري كاري (Jean-Marie Carré) (ت 1958م) وغيرهم.
– هؤلاء هم الذين اكتمل على يدهم تأسيس الأدب المقارن في باريس. فنشأ الأدب المقارن مرتبطا بتاريخ الأدب، لكنه استقل عن النقد الأدبي.
– هذه النظرية تخص المنهج التاريخي الذي يعتمد على ظاهرة التأثير والتأثر والصلات الأدبية التاريخية، فمن غير هذه الصلات لا تعد الدراسة من الأدب المقارن.
– أما المدارس الأخرى فهي ترى أن الأدب المقارن ظهر منذ بداية القرن التاسع عشر الميلادي وليس في أواخر هذا القرن كما تزعم المدرسة التاريخية. فعنصر الصلات التاريخية للأدب لا ينبغي أن يكون شرطا في الأدب المقارن. فالدراسات المقارنة التي سبقت تأسيس المدرسة الفرنسية تعد من الأدب المقارن حتى وإن لم تبنى على منهج.
– ومن خلال ما مر بنا من خلال مراحل تطور النقد ونشأة الأدب المقارن، يتبين لنا أن الدراسة المقارنة لا تعتمد على التقنين والتعميم، بل على نصوص مختلفة من الآداب في لغاتها الأصلية. والأدب المقارن يدرس الآثار الأدبية في جوانبها الفنية والفكرية، وفي تكوينها، وفي ظروفها التاريخية والاجتماعية.
– ويتناول بالدرس كذلك الأذواق الأدبية وتطورها وعلاقتها بالحياة الاجتماعية. كما يدرس المظاهر المختلفة للمواهب الفردية، وأوجه الشبه والاختلاف بين الآداب ومدى تأثرها فيما بينها. ويتم ذلك عن طريق المقارنة بين الآداب المختلفة ودراسة الصلات التاريخية بينها، حسب المنهج التاريخي، غير أن هناك مدارس تعتمد مناهج أخرى.

***

* – عوامل عالمية الأدب:
– عالمية الأدب معناها خروجه من نطاق لغته الأصلية إلى آداب اللغات الأخرى. وذلك بفضل الترجمة والاقتباس والصلات الأدبية الأخرى.
– تبادل التيارات الفكرية والمحاكاة أدى إلى نهضة الآداب على مر العصور. ومن ذلك محاكاة أدباء أوروبا للأدب اليوناني في عصر النهضة. وكذلك نهضة الأدب العباسي بعد احتكاكه بأدب الفرس والهند وعلوم اليونان.
– ومن بين هذه العوامل:
1 – الهجرات:
– تهاجر الجماعات البشرية من بلد إلى آخر لأسباب مختلفة.
– فتؤثر في البيئة التي تنتقل إليها أو تتأثر بها لغة وثقافة.
– فقد تكتسب بعض الخصائص كما تحتفظ ببعض خصائصها الأصلية.
2 – الحروب والغزوات:
– كالحروب الصليبية وغزوات الإفرنج على الأندلس التي عرفت الأوروبيين على حضارة العرب والمسلمين.
– ومن ذلك الأسرى من جنود ومدنيين وسبايا الذين يؤثرون في المجتمع الذي يساقون إليه قبل أن يذوبوا فيه.
– كذلك الاستعمار الذي يمهد للهجرة والاستيطان وما يخلفه من تأثير في ميادين شتى على مجتمع الأهالي.
3 – المعارف اللغوية:
– معرفة اللغات الأجنبية وآداب الأمم الأخرى من أهم عوامل عالمية الأدب.
– ومن ذلك الصلات الأدبية الفارسية والهندية بالأدب العربي القديم ودورها في نشر الأدب بفضل العارفين بلغات هذه الأمم.
– والألفاظ اللغوية المشتركة بين العربية واللغات الأخرى دليل على احتكاك العرب بغيرهم في العصور الوسطى.
– أثناء الفتح تعلم الكثير من المسلمين لغات غيرهم واطلعوا على آدابهم وفكرهم فاستفادوا من أمم كما أفادوا أمما أخرى.
4 – الترجمة:
– الترجمة تساعد على نشر الأذواق الأدبية من لغة إلى أخرى.
– قد يشتهر كاتب عند أمة غير أمته بفضل الترجمة. فعمر الخيام لم يأبه برباعياته في وطنه لما فيها من تشاؤم، ولما تُرجمت إلى اللغات الأوروبية أستحسنها الغربيون، فكانت الترجمة سببا في شهرته.
– الاختلاف في الأصل والترجمة يعبر عن ذوق الأمة وإبداع المترجم. فالمترجم يستخدم أسلوبه الخاص ويحرص على ألا يترجم ما يتعارض والاتجاه العام للأمة.
– لذا يجب دراسة المترجم أيضا الذي هو كذلك سيؤثر في المجتمع بأسلوبه وإبداعه.
5 – الكتب النقدية والمجلات والصحف:
– يجب الاطلاع على كتب النقد والنظريات الحديثة لمعرفة المستجدات الأدبية والتيارات الفكرية والأدبية في العالم.
– وكذلك المجلات الخاصة بالآداب الأجنبية التي تعرف القارئ بأدب الآخر والدراسات الأدبية الحديثة.
– وكذلك والصحف الوطنية والأجنبية التي تنقل أخبارا عن مشاهير الأدباء وأدبهم.
– أما الوسائل السمعية البصرية كالتلفزيون والراديو والإنترنت، فهي من أهم وأخطر عوامل عالمية الأدب في عصرنا.
6 – أدب الرحلات:
– يتعرف الكاتب على صورة بلد أجنبي بواسطة أدب الرحلات.
– كما أنه يستقي معلوماته عن الأمم الأخرى من كتب الرحالة.
– لقد تعرف الروس والبلغار على تاريخهم القديم وأحوالهم بواسطة رحلة ابن فضلان (ت 960م)، وجعلوها مصدرا أساسيا يرجعون إليه كلما احتاجوا إلى ذلك.
7 – النوادي والأسواق الأدبية:
– تعود إلى العصر الجاهلي واشتهرت في العصور الإسلامية وخاصة الأندلس. وقد تأثر بها الأوروبيون في القرون الوسطى، وبالأخص التروبادور (Troubadours) والتروفير (Trouvères) في فرنسا.
– يلتقي فيها الأدباء على اختلاف لغاتهم والذين يأتون من أنحاء مختلفة.
– وفي العصر الحالي ظهرت المهرجانات الثقافية والملتقيات الأدبية والندوات الفكرية.
8 – الوسطاء في الأدب:
– قد يكون الوسيط شخصا أو بيئة، فالبيئة أيضا تساعد على التقاء أدبين.
– المثقف الذي يعرف أمته بأدب أجنبي هو الوسيط، بسبب ظروف الهجرة والرحلات والمطالعة.
– ومن الأدباء من زار بلدا أجنبيا وبعد عودته عرّف مواطنيه بأدب ذلك البلد. ومنهم مدام دي ستال التي عرّفت الفرنسيين بالأدب الألماني.
– أما المدارس والجامعات فهي من أهم الأماكن التي يتعرف فيها الطلبة على الآداب الأجنبية.

***

* – الأدب المقارن عند العرب:
– لقد عرف الأدب العربي ظاهرة تبادل التأثير والتأثر منذ عصوره الأولى، وذلك نتيجة اختلاط العرب بغيرهم من الأمم أثناء الفتوحات الإسلامية، إضافة إلى الترجمات التي قاموا بها من الفارسية والهندية واليونانية إلى لغتهم، وكذا اطلاع الأمم المجاورة على أدب العرب.
– وكان الجاحظ (ت 868م) أول من أشار إلى هذه الظاهرة. لقد تحدث الجاحظ عن البلاغة في الأمم الأخرى كالفرس والهند. وأشار إلى بعض الخصائص العامة المتفقة أو المختلفة بين الشعرين العربي والفارسي. كما قارن بين آداب الأمم الأربعة الكبرى في عصره وهم العرب والفرس والهند والروم (الإغريق).
– كما قارن بين الشعرين الفارسي والإغريقي والشعر العربي فوجدها تختلف من حيث الإيقاع والقافية. ذكر ذلك في كتاب « البيان والتبيين ». لكن مقارنات الجاحظ يغلب عليها الأفكار الذاتية. ومع ذلك، فإن هذه الدراسة المبكرة تدل على أن الجاحظ كان واسع الاطلاع على الثقافات الأجنبية وهذا ما لم نجده عند الأمم الأخرى في عصره.
– يرى الجاحظ أن الشعر لا يجب ترجمته وإلا فقد خصائصه وأصبح كلاما عاديا. لكنه أجاز ترجمة المنثور دون أن تؤثر الترجمة على طبيعة الموضوع. وبهذا، يكون الجاحظ أول من عني بمشاكل الترجمة. وهو أيضا أول من دعا إلى قراءة الشعر في لغته الأصلية. تحدث الجاحظ عن مشاكل الترجمة في كتاب « الحيوان ».
– ويعد الجاحظ أول من تحدث عن صورة الآخر، وذلك في كتاب « البخلاء ». لقد تحدث عن البخلاء من الفرس، لكنه لم يكن عنصريا بحيث ذكر أيضا فضائل البعض منهم.
– لقد عرف الأدب العربي الموازنة منذ أن وجد. وقد تطورت هذه الموازنات في الأدب العربي وألفت فيها الكتب. أشهرها « الموازنة بين الطائيين » للآمدي (ت 981م). و »الوساطة بين المتنبي وخصومه » للقاضي الجرجاني (ت 769م).
– فالآمدي تناول المفاضلة بين البحتري وأبي تمام. وأما الجرجاني فقد حاول التوسط بين المتنبي وخصومه. غير أن هذه الموازنات لم تتجاوز الطابع الجمالي وجانبت النقد الفكري.
– ولعل أبرز ما أدت إليه هو الحديث عن الأصالة. وهذه الفكرة لم يعرفها النقد الأوروبي الحديث إلا في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي. وهي البحث عمن سبق إلى الفكرة من الشاعريْن حينما يلتقيان حول معنى.
– غير أن النقاد العرب وقفوا بالموازنات عند حدود أدباء اللغة العربية، ولم يتطرقوا إلى ما أخذه الشعراء من اللغات الأخرى. وكان من الشعراء العرب من يجيد الفارسية، ومن درس الفكر اليوناني، ومنهم من اطلع على أدب الهند.
– وفي عهد الاستعمار عكف المستشرقون على دراسة آداب العرب وتاريخهم. فمنهم من عمل على ترجمة تاريخ وجغرافية العرب لحساب السلطات الاستعمارية، ومنه من درس معارف العرب قصد تعريف الأوروبيين بآداب وتقاليد العرب.
– وكان بعض المثقفين العرب في عهد الاستعمار قد تعاونوا مع كتاب أوروبا في دراسة المعارف العربية. لقد شهد القرن التاسع عشر الميلادي أولى لبنات التواصل بين الأدب العربي والآداب الأجنبية الغربية. وفي هذه الفترة كتب رفاعة الطهطاوي (ت 1873م) « تخليص الإبريز في تلخيص باريز »، قارن فيه بين الثقافات العربية والفرنسية.
– لقد ظهر مصطلح « الأدب المقارن » لأول مرة، على يد فخري أبو السعود عندما كتب سنة 1935م مجموعة من المقالات، قارن فيها جوانب من الأدب العربي والإنكليزي، دون الإشارة إلى الصلات التاريخية بينها.
– وفي منتصف القرن العشرين بدأت بعض الجامعات العربية تدريس فرع الأدب المقارن الذي لم تكن العربية تعرفه من قبل. وضع كمنهج دراسي في الجامعات.
– وفي هذه الفترة ساهم الجامعيون الذين درسوا في أوروبا في تأسيس الأدب المقارن في البلاد العربية. فظهرت كتب في الأدب المقارن لكن أغلبها ترجمة لأفكار الغربيين.
– وفي الفترة نفسها ظهرت ترجمة « الأدب المقارن » لفان تيجم. غير أن كتاب « الأدب المقارن » لغنيمي هلال الذي صدر سنة 1953م، اعتبر كأول دراسة أكاديمية لذلك الحقل المعرفي في الأدب العربي.
– وفي سنة 1956م تُرجم كتاب « الأدب المقارن » لجويار (Marius-François Guyard) (ت 2011م) إلى العربية. وقد تبين فيما بعد، أن محمد غنيمي هلال لم يتجاوز المدرسة التاريخية، كما أنه أخذ آراء جويار وفان تيجم وغيرهما من الفرنسيين دون مناقشتها.

***

كتاب « الأدب المقارن » لماريوس فرانسوا جويار، 1951م:
مقدمة
ف 1: النشأة والتاريخ
ف 2: الموضوع والمنهج
1 – عدة الباحث المقارن
2 – ميدان الأدب المقارن
– عوامل عالمية الأدب، – الأجناس الأدبية، – الموضوعات، – المؤلفون، – مصادر الكاتب، – التيارات الفكرية، – صورة بلد في أدب بلد آخر
ف 3: عوامل عالمية الأدب
1 – الكتب
– الإلمام بالمعارف اللغوية، – الترجمات، – الكتب النقدية والمجلات والصحف، – أدب الرحلات
2 – رجال الأدب
– المترجمون، – الوسطاء في الأدب، – الرحالة
ف 4: الأجناس والموضوعات والأساطير
1 – الأجناس الأدبية
– المسرحية، – الشعر، – الروايات والقصص
2 – المواضيع والأساطير
– النماذج الشعبية، – المواقف، – النماذج العامة، – النماذج الأسطورية، – الشخصيات التاريخية، – الأساطير الأدبية
ف 5: التأثير والتأثر
1 – كتاب فرنسيون في الخارج
2 – كتاب أجانب في فرنس
– التأثير الإنكليزي والألماني والإيطالي والإسباني والروسي
3 – تأثير الآداب الأجنبية فيما بينه
4 – شكسبير وغوته
5 – التأثير المتبادل
ف 6: المصادر
1 – الاتجاهات الأجنبية في الأدب الفرنسي
– من القرن 16 إلى القرن 20 للميلاد
2 – الاتجاهات الفرنسية في الآداب الأجنبية
– الأدب الأنجلو أمريكي، – الأدب الألماني، – الأدب الإسباني والإيطالي
3 – مصادر أجنبية لكتاب أجانب
ف 7: التيارات العالمية الكبرى (الأفكار والمذاهب والمشاعر)
1 – المذاهب والأفكار الأدبية
2 – الأفكار الدينية والفلسفية
3 الأفكار الأخلاقية وتيارات الوعي
ف 8: الأجنبي كما نراه
1 – الدراسات الجزئية
2 – الدراسات العامة
خاتمة

***

كتاب « الأدب المقارن » لمحمد غنيمي هلال، 1953م:
مقدمة
الباب الأول: تاريخ نشأة الأدب المقارن
ف 1: تاريخ نشأة الأدب المقارن في أوربا ومصر
ف 2: الوضع الحالي للدراسات المقارنة في الجامعات الأوربية والعربية
ف 3: عدة الباحث في الأدب المقارن
ف 4: ميدان البحث في الأدب المقارن
– عوامل انتقال الأدب، – الأجناس الأدبية، – الموضوعات، – تأثير كاتب في أدب آخر، – مصادر الكاتب، – التيارات الفكرية، – بلد ما كما يصوره أدب بلد آخر
الباب الثاني: بحوث الأدب المقارن ومناهجه
ف 1: عالمية الأدب وعوامله
ف 2: الأجناس الأدبية
1 – الأجناس الأدبية الشعرية
– الملحمة، – المسرحية، – القصة على لسان الحيوان
2 – الأجناس الأدبية النثرية
– القصة في الآداب الغربية، – وفي الأدب العربي، – التاريخ
3 – الصياغة الفنية للأجناس الأدبية
– العروض والقافية، – صورة الأسلوب الفنية
ف 3: المواقف الأدبية والنماذج البشرية
– النماذج الإنسانية العامة، – النماذج الأسطورية، – نماذج مصدرها ديني، – النماذج الشعبية، – الشخصيات التاريخية
ف 4: تأثير كتاب أدب في الآداب الأخرى
ف 5: دراسة المصادر
ف 6: المذاهب الأدبية
ف 7: تصوير الآداب الوطنية للبلاد والشعوب الأخرى
خاتمة

***

* – الأجناس أو الأنواع الأدبية:
1 – الملحمة:
– وهي أقدم الأجناس الأدبية، عبارة عن قصة بطولة طويلة تنظم شعرا وتحتوي على أفعال عجيبة. ازدهرت عند الشعوب الفطرية التي تخلط بين الحقيقة والخيال.
– أشهر الملاحم الإلياذة والأوديسة لهوميروس (Homère)، والإنيادة لفيرجيل (Virgile).
2 – المسرحية:
– المسرحية تعتمد على الحوار، وجوهرها الحدث أي الفعل أو الدراما. نشأت المسرحية عن الشعر الغنائي. ومن أشهر المسرحيين اليونانيين إسخيلوس (Eschyle) (ت 456 ق.م) وسوفوكلس (Sophocle) (ت 406 ق.م) ويوريبدس (Euripide) (ت 406 ق.م) وأريسطوفانس (Aristophane) (ت 385 ق.م).
3 – الحكاية على لسان الحيوان:
– هي حكاية ذات طابع تعليمي وتعتمد على الرمز. تنشأ فطرية في أدب الشعب.
– كليلة ودمنة أشهر حكاية ترجمها ابن المقفع (ت 759م) عن الفارسية القديمة.
– أشهر من ألف في هذا الجنس الأدبي، لافونتين الفرنسي (Jean de la Fontaine) (ت 1695م).
4 – الوقوف على الأطلال قديما:
– ظهر هذا الجنس الأدبي في مقدمة القصيدة الجاهلية عند العرب.
– ثم تطور إلى الوقوف على الآثار في عهد الحضارة والعمران.
– أول من نظم في هذا الجنس، البحتري (ت 897م) في سينيته الشهيرة.
5 – القصة:
– القصة آخر جنس أدبي يظهر في الآداب العالمية.
– ظهرت عند اليونان والرومان في القرن (2م) وكانت ذات طابع ملحمي.
– « الحمار الذهبي » أو « المسخ » أول قصة ظهرت باللاتينية للأديب الجزائري أبوليوس (Apulée) (125م-170م).
6 – التاريخ:
– التاريخ في طابعه الأدبي يهتم ببعث الحضارات وتطورها عبر العصور.
– والكشف عن الجهود التي يبذلها مختلف الشعوب.
– ومن أبرز الكتب، « الأغاني » للأصفهاني (ت 967م) و »الآمالي » للقالي (ت 967م)، و »تاريخ » الطبري (ت 923م).
7 – المناظرة والحوار:
– وهي قسمان، المساجلة والمناظرة، وقد ظهرت عند العرب منذ العصر الجاهلي.
– ومن أشهر الكتب « المحاسن والمساوئ » للبيهقي (ت 1066م)، و »المحاسن والأضداد » للجاحظ (ت 868م).
– أما عند الأوروبيين فقد ظهر أدب الحوار في القرن 12 الميلادي، عند التروبادور.

***

* – النماذج البشرية:
1 – النماذج الإنسانية العامة:
– يصور الكاتب نموذجا إنسانيا عاما في الأدب.
– ومنها نموذج البخيل، والبخل صفة من صفات الرذيلة.
– وقد يصور الكاتب نموذجا إنسانيا صالحا ذا فضائل حميدة.
2 – الأساطير القديمة:
– يختار الكاتب منها ما يصلح للتأويل.
– وأشهر هذه الأساطير شخصية « أوديبيوس » (Œdipe) عند اليونانيين، وكذلك « بيجماليون » (Pygmalion) عند الرومان.
3 – نماذج مصدرها ديني:
– وهي المأخوذة عن الكتب المقدسة والقرآن الكريم.
– وغالبا ما يبتعد بها الكتاب قليلا أو كثيرا عن مصدرها.
– ومنها شخصية يوسف وزوليخا، والشيطان وقابيل وغيرها.
4 – الأساطير الشعبية:
– هذه النماذج من الأدب الشعبي والتقاليد الشعبية.
– ولا تعد في الأدب المقارن إلا إذا أصبحت عالمية.
– منها شخصية « شهرزاد »، و »فاوست » (Faust)، و »رسطم »، و »دون خوان » (Don Juan).
5 – الشخصيات التاريخية:
– يتناولها الباحثون بالدرس حين تدخل الأدب، وتكتسب طابعا أسطوريا.
– ومن هذه الشخصيات، ليلى والمجنون، ومنها أيضا شخصية كليوباترا.
– وكذلك الأبطال مثل صلاح الدين الأيوبي والأمير عبد القادر.

***

* – عدة الباحث المقارن وثقافته:
– وهي عدة الباحث كما يسميها فان تيجم (Paul Van Tieghem) (ت 1948م)، أي أدوات البحث التي يحتاج إليها باحث الأدب المقارن في دراسته.
– يعرف غويار (Marius-François Guyard) (ت 2011م) حقل الأدب المقارن بتاريخ العلاقات الأدبية الدولية. وعلى الدارس المقارن أن يقف على الحدود اللغوية للأدب الوطني. ويتابع حركة انتقال الموضوعات والأفكار والمشاعر بين أدبين أو أكثر.
– لذا ينبغي أن تتوفر فيه شروط خاصة قبل أن يخوض هذا الميدان، من أهمها:
1 – معرفة تاريخ الأدب الوطني:
– أن يكون على علم بالحقائق التاريخية للعصر الذي يدرسه.
– ومطلعا على تاريخ الأدب عبر عصوره.
– وأهم الأحداث التي أثرت في اتجاهات الأدب نثرا وشعرا، وأبرز الشخصيات الأدبية.
– ولهذا، على الدارس أن يعود إلى الأحداث السياسية والاجتماعية.
– والعلاقات الدولية والحركات الفكرية وغيرها التي شهدتها أمته منذ نشأة أدبها.
– فمعرفة التاريخ شرط من شروط الدراسات المقارنة.
2 – الإلمام بالآداب الأجنبية وتاريخها:
– أن يكون على دراية تامة بتاريخ الآداب المختلفة.
– وتطورها عبر العصور وعلاقتها بآداب الأمم الأخرى.
– وعلى الخصوص العصر الذي هو موضوع الدراسة.
– وإذا كانت معرفته بهذا الأدب سطحية عليه إعادة دراسته حتى يصل إلى الهدف المرغوب.
3 – الاطلاع على تاريخ الأمم:
– على الباحث الاطلاع على تاريخ أمته وتاريخ الأمة أو الأمم التي يقارن بأدبها.
– فالباحث يركز على الحقائق التاريخية والأحداث التي أثرت في أدب الأمة.
– كالحروب والثورات وتغيير أنظمة سياسية وظهور طبقات اجتماعية.
– وشخصيات بارزة لها أثر في المجتمع.
4 – الإلمام بالنقد الأدبي وتاريخه:
– تجربة النقد الأدبي سبقت بقرون الدراسات المقارنة.
– والنقد يٌعّرف على مواطن الجمال والتذوق الأدبي بحسب العصر والأمة.
– لأن الذوق الأدبي للنص يختلف من أمة إلى أخرى ومن عصر إلى آخر حتى في الأمة
نفسها. لذا على الدارس المقارن معرفة أذواق الأمم الأدبية من خلال النقد.
5 – معرفة أبرز المذاهب والتيارات الأدبية العالمية:
– من الضروري أن يطلع الباحث على المذاهب والحركات الأدبية المؤثرة.
– فالحركات الأدبية والأنواع تحظى باشتهار واسع بين الآداب العالمية.
– فعلى الدارس تحديد مصدرها حتى يتسنى له معرفة الأمة التي اقتُبست منها.
– ومن الأجناس ما ظهر في أمة وتطور في أمة أخرى وأثر في أمة ثالثة.
– لذا على الباحث تتبع نشأة الأنواع الأدبية وأثرها وتأثرها في الأمم وعبر العصور.
6 – معرفة اللغات الأجنبية:
– على الباحث المقارن أن يقرأ النصوص بلغاتها الأصلية.
– لأن الخصائص اللغوية تختلف من لغة إلى أخرى.
– أما الترجمة فهي طريقة ناقصة في مثل هذه الدراسة.
– لذا يجب على الباحث أن يكون ملما بلغتين أجنبيتين أو أكثر.
– غير أنه يمكن مقارنة الترجمة بالأصل لمعرفة مدى دقتها.
7 – الإلمام بالمراجع العامة:
– على الباحث الإلمام بمصادر الأدب والتراجم والسير وأبرز الدواوين وكتب النقد.
– والبحوث التي أنجزت في الأدب المقارن والمراجع العامة والفهارس.
– بالإضافة إلى المجلات العالمية المتخصصة في الدراسات المقارنة.
– وكذلك الآداب الكبرى وترجماتها المختلفة وموضوعاتها.
– والأدباء الذين كتبوا بغير لغاتهم والمهاجرون.
– والكتب المترجمة ومشاهير الأدباء العالميين.
8 – اختيار منهج البحث:
– على الباحث أن يكون على دراية بميدان البحث المقارن وأهم مجالاته.
– أن يكون عالما بمنهج البحث ومطلعا على اتجاهات المدارس الأخرى.
– والأدب المقارن ظهر في الغرب أولا واعتمد على مناهج غربية.
– هذه المناهج التي تتعصب للمركزية الغربية قد لا تخدم أحيانا آداب الأمم الأخرى.
– لذا على الدارس توخي الحذر وانتقاء منهج مناسب واتباع طريقة بناءة في بحثه.

***

* – ميدان البحث في الأدب المقارن:
– موضوع الأدب المقارن هو تبادل الاستعارات الأدبية بين آداب اللغات، من أجناس أدبية وصور فنية وموضوعات وأساطير ونماذج لأشخاص بشرية.
– وكذلك وسائل عبور هذه الاستعارات من أدب لغة إلى أدب لغة أخرى ومن بلد إلى آخر.
– والمسائل المتبادلة نفسها، كيف تغيرت، زيد فيها أو نقص منها أثناء انتقالها.
1 – عوامل انتقال الأدب:
– الكتب والمجلات وانتقالها من بلد إلى آخر.
– الكتابة بلغة أجنبية، ومن ذلك أدباء الفرس قديما الذين كتبوا باللغة العربية.
– القراءة بلغات أخرى، ومن ذلك دول المغرب العربي حاليا الذين يقرأون بالعربية والفرنسية.
– المجلات والصحف التي تقدم الكتاب الأجانب لقرائها.
– أدب الرحلات الذي يعرف الشعوب بعضها ببعض.
– مشاهير المؤلفين الذين أثروا في الأدب العالمي.
– يعد المترجمون والترجمة من أهم عوامل خروج الأدب من حدود لغته إلى اللغات الأخرى.
– أدباء من أصل أجنبي، ومنهم أبو العلاء المعري الذي عاش في المجتمع العربي.
– أدباء عرب اهتموا بالترجمة في القديم وفي العصر الحديث.
– السريان الذين ترجموا التراث اليوناني قبل أن يترجم إلى العربية.
– الترجمة في أوروبا خلال القرون الوسطى التي قام بها الإفرنج والعرب على نقل المعارف العربية الإسلامية من العربية إلى اللغة اللاتينية.
– المدارس والجامعات ودورها في تلقين الطلبة الآداب الأجنبية.
– البعثات التعليمية في الخارج ودورها في التواصل الثقافي بين الشرق والغرب.
– وسائل الاتصال والإعلام السمعية البصرية والمكتوبة بالإضافة إلى الإنترنت التي تعد من أهم عوامل التأثير في هذا العصر.
– الأدباء الموّلدون وهم الكتاب الذين يولدون من زواج مختلط وما لهم من تأثير في كتابة التمازج (métissage) الثقافي واللغوي.
2 – دراسة الأجناس الأدبية:
– الأجناس الأدبية أو الأنواع هي القوالب الفنية الخاصة التي تفرض بطبيعتها على المؤلف إتباع طريقة معينة في عمله الأدبي.
– قد يعالج الموضوع نفسه بطرق مختلفة، شكل مسرحي وآخر خطابي.
– هذه الأجناس تستخدم في تقسيم الإنتاج الأدبي إلى فروع.
– قد تتغير الأجناس المختلفة في أشكالها وقواعدها.
– كانت الملحمة قصرا على الشعر، ثم أصبحت تعالج في النثر أيضا.
– والمسرحية يغلب عليها النثر حاليا بينما كانت تنظم شعرا.
– يجب دراسة الأجناس الأدبية القديمة لأنها هي التي تولدت منها الأنواع الحديثة.
– ومنها الخرافة على لسان الحيوان، وأثر ابن المقفع وكليلة ودمنة في لافونتين. تأثر الأدب العربي قديما بأدب الفرس في هذا الموضوع وأثره فيه حديثا.
– دراسة تاريخ الأدب القديم لأنه المصدر الأول للآداب الحديثة.
– أجناس الأدب العربي الحديثة أكثرها مستمدة من أدب الغرب.
– قد يدرس الجنس الأدبي في أدبين فقط، كدراسة القصة التاريخية في الأدب العربي والفرنسي، أو دراسة المسرح الفرنسي وتأثيره في المسرح العربي.
– وقد يدرس الباحث جنسا أدبيا في أكثر من أدبين. كدراسة القصة في الآداب الأوروبية ثم تأثيرها في القصة العربية.
– يجب على الباحث تحديد الجنس الأدبي الذي يدرسه. هناك أجناس لا تخضع لقواعد فنية، فيصعب تحديدها، كالبكاء والوقوف على الأطلال.
– أن يقدم الباحث الأدلة على تأثر الكاتب بالجنس الأدبي. وقد يسهل الأمر عندما يصرح الكاتب نفسه بأنه تأثر بكاتب آخر. وقد يصعب الوصول إلى الدليل في حالات أخرى لأن التشابه لا يكفي لإثبات التأثير.
– أن يحدد مدى تأثر الكاتب بالجنس الأدبي المراد دراسته، وعوامل هذا التأثير. ودراسة اتجاهه الأدبي، وبيئته وثقافته.
3 – دراسة الموضوعات الأدبية:
– ينتشر هذا الموضوع عند الألمان الذين اهتموا به كثيرا.
– وذلك كأن يدرس فاوست (Faust) في الأدب الألماني والفرنسي، أو دون خوان (Don Juan) في الأدبين الإسباني والفرنسي.
– يشترط في الموضوع أن يكون ذا قيمة أدبية ويصلح للمقارنة.
4 – تأثير الكتاب:
– ينتشر هذا النوع من الأدب المقارن عند الباحثين الفرنسيين.
– قد يؤثر الكاتب بكل مؤلفاته في أدب ما أو بكتاب واحد.
– مثل تأثير مسرحيات موليير (Molière) (ت 1673م) أو تأثير « البخيل » منها.
– وقد يؤثر بشخصيته، مثل تأثير غوته (Johann von Goethe) (ت 1832م) في الأدب الأوروبي.
– يجب تحديد الوسط المتأثر، بلدا كان أم مجموعة من المؤلفين أو مؤلفا واحدا.
– مثلا تأثير أبي العلاء المعري في الخرافة الفرنسية، أو في الخرافة الأوروبية أو في لافونتين (Jean de La Fontaine) (ت 1695م).
– قد يكون الكاتب ذا شهرة واسعة وترجمات متعددة، ولكنه قليل التأثير في الآداب الأخرى مثل الطاهر وطار الذي ترجمت رواياته إلى اللغات الأوروبية الشرقية.
– قد يشتهر الكاتب بمؤلف واحد ويعد من الأدب العالمي مثل سارفنتس (Miguel de Cervantes) (ت 1616م) الذي لم يشتهر إلا برواية « دون كيشوت ».
5 – أنواع التأثير:
– التأثير الشخصي: كتأثير الأديب الألماني غوته في الأدب الأوروبي.
– التأثير الفني: كتأثير لافونتين في القصة العربية على لسان الحيوان.
– التأثير الفكري: كتأثير فولتير (Voltaire) (ت 1778م) في الآداب الأوروبية.
– التأثير في الموضوعات: كتأثير المقامات العربية في الأدب الأوروبي، وتأثير الشعر العربي الصوفي في الشعر الفارسي.
– التأثير العكسي: وهو معارضة كاتب لآخر كمعارضة أحمد شوقي (ت 1932م) لشكسبير (Shakespeare) (ت 1616م) في مسرحية « كليوبتر ».
– التأثير التأويلي: كتأويل أدباء الفرس لقصص للحب العذري إلى حب الذات الإلهية، وتأويل شعراء التروبادور (Troubadours) للحب العذري إلى حب سيدات القصر المتزوجات.
– التأثير الحرفي: وهو التقليد الأعمى الذي لا يخدم الأدب الوطني ولا يفيد اللغة ويتنافى مع الأصالة.
6 – مصادر الكاتب:
– يقرأ الكاتب كتبا أجنبية، ويزور بلدانا أخرى، فيتأثر بمناظرها وعاداتها.
– لذا يجب دراسة البلاد المؤثرة، والكتب والآداب الأجنبية التي اطلع عليها.
– والمصادر تشمل كل العناصر الأجنبية التي تأثر بها الكاتب، وهى ثلاثة أنواع:
أ – الأسفار التي من خلالها يتأثر الكاتب بما شاهده من مناظر طبيعية، وآثار فنية، وعادات وتقاليد وطنية.
– ومن ذلك وصف الشعراء العرب البلدان التي زاروها لأول مرة أثناء الفتح الإسلامي.
– وصفوا في تلك الأشعار مناظر الجبال والغابات والأنهار والثلوج.
– كما وصفوا عادات وتقاليد أهل تلك البلدان.
– أما أحمد شوقي، فقد سافر هو أيضا إلى إسبانيا، واطلع على عادات أهلها وشاهد مناظرها والآثار التي خلفها المسلمون، وانعكس ذلك على إنتاجه الأدبي.
– أما مدام دي ستال (Mme Germaine de Staël) (ت 1817م) فبعد سفرها إلى ألمانيا، ومخالطتها لأهلها، وتعرفها على مفكريها، عرفت الفرنسيين بما شاهدته واطلعت عليه في بلاد الألمان.
ب – على أن مصادر الكاتب لا تقتصر فقط على ما أفاد في أسفاره، بل قد ترجع كذلك إلى مخالطته للنوادي التي تهتم بالثقافات الأدبية العالمية في وطنه.
– فالكاتب الذي يتردد على النادي يختلط بالأخرين وقد يكون من بينهم أجانب، فيتأثر بأفكارهم واتجاهاتهم.
– وكثيرا ما تشجع النوادي الأدبية على ترجمة الكتب الأجنبية إلى اللغة الوطنية.
– وقد يؤثر الأصدقاء من الأجانب في الكاتب إما بالمراسلة وإما بالمحادثة الشفوية، لكن هذا النوع من التأثير يصعب تحديده لبنائه على المراسلة.
ج – والنوع الثالث من المصادر هو المصادر المكتوبة التي يسهل تحديدها لطبيعة انتشارها بين الناس وفي مختلف البدان.
– وموضوعات البحث في هذا النوع من المصادر تنقسم إلى عدة أقسام:
– فقد يقتصر البحث عن المصادر على مؤلف واحد من مؤلفات الكاتب.
– قد يستعير الكاتب من أدب آخر موضوع الكتاب أو بعض الأفكار. وغالبا ما يكون الموضوع المستعار من القصص والحكايات. ومن ذلك تأثر أدباء العرب بقصص ومسرحيات الغرب، لكنهم حافظوا على أصالتهم عند تأثرهم.
– وقد لا تقتصر دراسة المصادر على مؤلف واحد من مؤلفات الكاتب، بل تشمل كل إنتاجه وما اقتبسه من الآداب الأخرى.
– فالباحث قد يقتصر على دراسة مصادر إنتاج الكاتب في أدب أجنبي واحد، أو يبحث في ذلك الإنتاج عن مصادر الكاتب في الآداب المختلفة، وهذا النوع من الدراسات يتطلب ثقافة واسعة وجهدا كبيرا.
– وقد يكون موضوع دراسة المصادر أدب أمة من الأمم، وبيان مواطن تأثرها بأدب أجنبي أو بالآداب الأجنبية المختلفة.
– ومن ذلك تأثر الأدب العربي في القرون الوسطى بالآداب الشرقية وأثره فيها، لكنه تأثر في العصر الحديث بالآداب الأوروبية.
7 – التيارات الفكرية:
– التيارات الفكرية هي التي تسود عصرا ما أو حركة معينة من الحركات الأدبية والثقافية.
– كالتيارات الفكرية في القرنين 18 و19 للميلاد في أوروبا.
– وكذلك الفلسفة الصوفية في الأدب العربي والفارسي وأثرها في أوروبا في القرون الوسطى.
– والفلسفة الواقعية في الأدب الحديث وأثرها في كتاب شرق أوروبا والعالم الثالث.
– مثل هذه المواضيع ينبغي دراستها في آداب مختلفة لمعرفة الأفكار العامة التي سادت عصرا أو أمة من الأمم.
8 – تصوير بلد آخر:
– لكل شعب رأيه في الشعوب الأخرى، ولهذا الرأي صدى في أدبه.
– ولمعرفة هذا يجب علينا دراسة أدب الرحلات، والقصص، والمسرحيات. وهذا النوع من الأدب المقارن شائع في فرنسا وبلدان المغرب العربي، وهو يشمل:
أ – دراسة بلد كما يصوره أدب بلد آخر:
– مثل صورة إسبانيا في الأدب العربي في العصر الوسيط.
– يجب دراسة تاريخ الأدباء الذين رحلوا إلى البلد المراد دراسة صورته.
– وإلى أي حد كانت الصورة صادقة.
– ودراسة المؤلفين الذين كتبوا عن ذلك البلد دون أن يروه، واختلاف صورهم لذلك البلد.
– مثل هذه الدراسات يساعد على فهم الشعوب بعضها لبعض.
ب – دراسة بلد كما يصوره مؤلف من أمة أخرى:
– ومثل ذلك صورة إسبانيا في شعر شوقي.
– وفي هذه الحالة يجب دراسة حياة الكاتب، ومدى صلته بالبلد المقصود.
– كيف رأى البلد وإلى أي مدى كانت صورته صادقة.
– وهناك مجالات أخرى يتسع لها البحث في الأدب المقارن.

***

ملخص:
1 – عوامل عالمية الأدب:
– كتب النقد والترجمة والرحلات، المجلات والصحف.
– بالإضافة إلى الوسائل السمعية البصرية في هذا العصر.
– المؤلِفون والمترجمون.
2 – دراسة الأجناس الأدبية:
– نشأة الأجناس الأدبية، وعوامل تطورها في الأدب العالمي عبر العصور.
– قد يدرس الجنس الأدبي في أدبين مختلفين أو أكثر.
3 – دراسة الموضوعات الأدبية:
– وهو تاريخ الموضوعات وهو شائع عند أدباء الألمان.
– كدراسة فاوست في الأدبين الألماني والفرنسي.
– أو دون خوان في الأدب الإسباني والأدب الفرنسي.
4 – تأثير المؤلِفين:
– قد يؤثر الكاتب بمؤلفاته أو بكتاب واحد منها أو بشخصيته.
– وقد يكون الوسط المتأثر بلدا أو مجموعة من المؤلِفين أو مؤلِفا واحدا.
5 – مصادر الكاتب:
– وهي المصادر الأجنبية التي استقى منها الكاتب أدبه.
– قد تكون مناظر وعادات أو محادثات أو نصوص أدبية.
6 – التيارات الفكرية:
– وهي الحركات الأدبية التي تسود عصرا من العصور.
– كالفلسفة العاطفية والواقعية وغيرها.
7 – صورة بلد أجنبي:
– دراسة بلد كما يصوره أدب أجنبي.
– دراسة بلد كما يصوره مؤلِف أجنبي.

***

* – مدارس الأدب المقارن:
1 – المنهج التاريخي أو الاتجاه الفرنسي:
– دراسة الأدب المقارن بدأت في منتصف القرن 19م في فرنسا وتطورت في أواخر هذا القرن. واتخذت المصطلح الفرنسي (littérature comparée) الذي ترجم إلى اللغات الأخرى.
– كما حملت أيضا منهج البحث الذي اعتمده الفرنسيون وهو المنهج التاريخي.
– وكتاب ماريوس فرنسوا غويار « الأدب المقارن » يشرح بوضوح مجالات البحث في الأدب المقارن.
– يعرف غويار هذا الفرع بأنه « تاريخ العلاقات الأدبية الدولية ».
– وعلى الدارس المقارن أن يقف على الحدود اللغوية للأدب الوطني. ويتابع حركة انتقال الموضوعات والأفكار والمشاعر بين أدبين أو أكثر. وهذه الحركة قد تتشكل في الأجناس الأدبية.
– ويمكن أن يدرس الباحث حركة الآداب من خلال « الموضوعات الأدبية ». كدراسة موضوع « أوديب » (Œdipe) في الأدب اليوناني والآداب الأخرى.
– ويمكن أيضا دراسة صورة أمة من خلال كاتب أو كُتاب أجانب. مثل أغنية أنطاكيا (La Chanson d’Antioche) وعلاقة الصليبيين بالمسلمين.
– أو دراسة صورة أمة أو حضارة في إنتاج الكُتاب الرحالة الأجانب. ومنها الرحالة والكُتاب الفرنسيون في مصر لجان ماري كاري (Jean-Marie Carré) (ت 1958م).
– ويمكن للدراسة في هذا المجال أن تأخذ أحد الاتجاهين:
– الأول، من المصدر إلى الهدف. مثل تأثير كاتب معين في كاتب آخر أو أمة، أو تأثير أمة في أمة أخرى.
– أما اتجاه الدراسة الثاني فيكون عكسيا. بمعنى أن يبحث في مصادر كاتب ما في أدب أمة أخرى. مثل مصادر توفيق الحكيم الكلاسيكية أو مصادر طه حسين الفرنسية.
– هذه أهم الملامح العامة لمجالات البحث في المنهج التاريخي.
– غير أن غويار، في كتابه، اقتصر على الأدب الفرنسي وعلاقته بالآداب الأخرى.
– هذا الاتجاه التاريخي ساد وحده نحو قرن من الزمن، لكنه لقي معارضة من قبل الأمريكان في منتصف القرن العشرين، مما نتج اتجاها منهجيا ثانيا.

***

2 – المنهج النقدي أو الاتجاه الأمريكي:
– بعد ظهور كتاب غويار سنة 1951م، الذي لخص فيه اتجاهات البحث في الأدب المقارن حسب التصور التاريخي الفرنسي.
– ظهرت في أمريكا دراسات تعقب على هذا الكتاب، ومن ملاحظاتها، أن غويار يتخذ من الأدب الفرنسي محورا تدور حوله الآداب الأخرى تأثيرا أو تأثرا.
– فهو يطرح في موضوعات مثل: « كّتاب فرنسيون في الخارج، أو كّتاب أجانب في فرنس »، أو تأثير الأدب الفرنسي على أدب ما، أو تأثره به.
– إن هذه النزعة المركزية المحلية لا تتفق مع الطابع العالمي الذي ينبغي أن يتسم به الأدب المقارن. فأمم أخرى كالعرب والفرس وغيرهما، لها حضارات قديمة وبإمكانها جعل أدبها محوريا تدور حوله الآداب الأخرى.
– وفي الحقيقة أن غويار لم يمنع الآداب الأخرى من أن تكون محورية، بل اقتصر على الأدب الفرنسي في دراسته الموجهة حصرا إلى طلاب المدارس والباحثين.
– كما اعترض الأمريكان أيضا على المنهج التاريخي الذي تعتمد عليه المدرسة الفرنسية.
– أول من انتقد هذا المنهج الذي يستغرق في دراسة التاريخ بدلا من الذوق الأدبي، الكاتب الأمريكي روني ويلك (René Wellek) (ت 1995م) وهو من أصل تشيكي، ووافقه علي ذلك بعض الفرنسيين ومنهم روني إيتيامبل (René Etiemble) (ت 2002م).
– يتلخص هذا الاعتراض في أن المنهج التاريخي يصب اهتمامه كثيرا على الوسائط والعلاقات التاريخية بين أدب وآخر. فالدراسة بهذه الطريقة تصب جل اهتمامها على عنصر التاريخ أكثر من الاهتمام بعنصر الأدب.
– ويعتبر المنهج التاريخي كل إنتاج تم نتيجة التقاء وسائط، داخلا في الأدب المقارن. وكل إنتاج لم تتوفر فيه هذه الوسائط، حتى وإن تبينت فيه أوجه الشبه، خارجا عن حقل الأدب المقارن.
– كما اعترض أصحاب المنهج النقدي على التطبيق الحرفي لمنهج تاريخ الأدب.
– وفي الحقيقة، فإن الذوق الأدبي من اختصاص النقد وليس بالضرورة إلحاقه بالأدب المقارن الذي تقتضي دراسته الاستعانة بشتى المعارف ومنها التاريخ.
– كما يعترض أصحاب المنهج النقدي أيضا على أدب الرحلات. فهم يميزون ما بين كتابات الأدباء المبدعين ومذكرات الرحالة الهواة.
– ويذهب أصاحب النظرية النقدية أنه لا ينبغي إهمال أوجه الشبه بين الآداب بمجرد عدم توفر وسائط. فقد تكون الروابط الأدبية موغلة في القدم فيصعب تحديدها.
– فبدلا من دراسة العلاقات الأدبية، يرى زعماء المنهج النقدي أنه ينبغي الاهتمام بدراسة القيم.
– لقد ساهم المنهج النقدي في توسيع دائرة البحث في الأدب المقارن.
– وهو يرى أن الأدب المقارن هو « البحث والمقارنة بين العلاقات المتشابهة في الآداب المختلفة، وبين الآداب وبقية أنماط الفكر البشري من علوم وفنون ».
– إن توسيع مجال اهتمام الأدب المقارن بمثل هذه الصورة لا يخدم هذا الفرع بل يقحمه في متاهات ليست من اختصاصه.
– والباحث المقارن لا يستطيع الإلمام بالآداب والعلوم والفنون كي يتسنى له أن يفيد منها جميعاً في دراسة مقارنة.
– غير أن تشكل المنهج النقدي لم يأت لمواجهة المنهج التاريخي وإنما لمجاورته حسب زعم أصحابه.
– وقد يختار الباحث المقارن المنهج المناسب في دراسته حسب طبيعة الموضوع.
– وبما أن المنهج التاريخي يبحث في أصل الأدب ويشترط اختلاف اللغة في الدراسات المقارنة، فمن الطبيعي أن يظهر المنهج النقدي في أمريكا التي استقلت حديثا وتتحدث اللغات الأوروبية.
– ومن هنا نرى أن المنهج الفرنسي يرتكز أساسا على التاريخ الأدبي والحدود اللغوية، في حين أساس المنهج الأمريكي هو الذوق الأدبي بغض النظر عن الأصل أو اللغة.
– ومن رواد هذه المدرسة كالفن براون (Calvin Brown) (ت 1989م) صاحب كتاب « الموسيقى والأدب: مقارنة بين الفنون ». وله كتاب آخر « الأدب المقارن ».
– ويعد هنري ريماك (Henry Remak) (ت 2009م) من أشهر أعلام الأدب المقارن في الولايات المتحدة الأمريكية.

***

3 – المنهج الاشتراكي أو المدرسة السلافية:
– تسمى بالمدرسة السلافية نسبة إلى اللغات السلافية والشعوب الناطقة بها في بلدان المعسكر الاشتراكي في أوروبا الشرقية.
– وتسمى بـالاشتراكية نسبة إلى النظام السياسي والاقتصادي الذي ساد مجتمعات أوروبا الشرقية.‏
– وتسمى أيضا بالنمطية أو التيبولوجية، لأن أنصار هذه المدرسة يهتمون بشكل خاص من أشكال أوجه الشبه بين الآداب.
– وقد تسمى أيضا بالمدرسة الماركسية أو المادية الجدلية لاعتماد منظريها على هذه الفلسفة.
– ومن أبرز روادها الباحث الروسي فكتور جيرمونسكي (Viktor Zirmunski) (ت 1971م) ومن كتبه « علم الأدب المقارن: شرق وغرب ».
– يصعب علينا تمييز خصوصية المدرسة الاشتراكية في الأدب المقارن، لأنها قد تقترب من رؤية المدرسة الفرنسية في بعض الخصائص أو المدرسة الأمريكية في خصائص أخرى.
– تتبنى المدرسة السلافية في الأدب المقارن الفلسفة الماركسية في دراسة أوجه الشبه بين الآداب الوطنية المختلفة. معنى ذلك أنها ترتكز على المادية الجدلية في فهم تطور المجتمع وتاريخ الإنسانية.
– فمفهوم الأدب المقارن عندها يتأثر بالضرورة بالعوامل الفكرية والسياسية السائدة في المجتمع بغض النظر عن الصلات الخارجية.
– وهذا يعني أن المؤثرات الخارجية والعلاقات التاريخية التي تعتمد عليها المدرسة الفرنسية في التشابه بين الآداب المختلفة، ليست ضرورية بالنسبة للمدرسة السلافية التي تركز في دراستها للأدب على تطور المجتمع.‏
– فالأدب يتشكل على أساس تجربة اجتماعية تنعكس على الواقع الاجتماعي.
– لذا فالقوانين الطبيعية لتطور المجتمع هي التي تؤثر في الأدب.‏ وذلك عندما تكون ظروف البلد المتأثر مشابهة في الأفكار والموضوعات للاتجاهات المؤثرة.‏
– ومن أبرز إسهامات المدرسة السلافية:‏ الخروج على المنهج الفرنسي الذي جعل من الدرس المقارن بحثا تاريخيا يشترط الصلات بين الآداب الوطنية المختلفة التي تأثرت ببعضها.
– اعتماد الفلسفة المادية الجدلية في فهم تطور مختلف الآداب الوطنية.
– نقد الأدب البورجوازي عند الغرب الذي لا يخدم إنسانية الأدب.
– مناهضة نزعة المركزية الغربية (Eurocentrisme) عند المقارنين الغربيين العنصريين الذين استبعدوا الآداب والفنون الإفريقية والأسيوية كما أهملوا الأجناس الأدبية التي لا تتفق والتصنيفات الأدبية الأوروبية وأنكروا تأثر حضارتهم بالثقافات غير الأوروبية.‏
– وقد لاحظت سوزان باسنيت (Susan Bassnett) المولودة سنة 1945م، أن باحثي الأدب المقارن، ومنذ البداية، مالوا إلى العمل مع الكتاب الأوروبيين فقط ولم يتطرقوا إلى الآداب الأخرى.‏
– وقد حذا أنصار المدرسة الأمريكية حذو الأوروبيين في نزعة الذات الغربية رغم نقدهم لها في بداية الأمر.
– ولهذا دعا جيرمونسكي إلى ضرورة توسيع دائرة البحث في الأدب المقارن بغرض الوصول إلى نتائج أكثر مصداقية، وحقائق أكثر وضوحا.
– وتوسيع الدراسة إلى المسائل التي تتصل بآداب الشرق القديم، وآداب العصور الوسطى، وآداب أوروبا الشرقية، والاهتمام بالآداب الشعبية في جميع أنحاء العالم.
– الأدب المقارن عند المدرسة السلافية علم كما كان يصفه جيرمونسكي.

***

* – عوامل التأثير والتأثر:
– سنقتصر في هذا الدرس على عوامل انتقال الحضارة العربية الأندلسية إلى فرنسا وأوروبا خلال القرون الوسطى.
1 – العوامل السياسية:
أ – الصراع العسكري بين العرب والفرنجة:
– ظل الصراع العسكري مستمرا بين الأندلسيين والإفرنج منذ دخول العرب شبه الجزيرة الأيبيرية. لقد استمرت الحرب مع نصارى الشمال الإسباني حتى خروج المسلمين من الأندلس.
– وحتى الفرنجة في فرنسا دأبوا على مساندة النصارى الإسبان في حروبهم ضد المسلمين، وكان من وراء هذه الحروب دوافع دينية.
– ومن مخلفات هذه الحروب وقوع الأسرى والسبي في كلا الطرفين، وكان من بين الأسرى والسبايا من المثقفين الذين عملوا على نشر معارفهم في المجتمع الذي سيقوا إليه قبل أن يذوبوا فيه.
– ولم تقتصر الحرب على الأراضي الأيبيرية بل امتدت إلى بلاد الفرنجة، حيث جهز عبد الرحمن الغافقي جيشا وصل به إلى غاية مدينة بواتيه (Poitiers) التي تقع في وسط غرب فرنسا، وذلك في سنة 732م.
– لكن العرب انهزموا شر هزيمة أمام جيش شارل مارتيل (Charles Martel) (ت 741م) الأقل عدة من جيش المسلمين، وذلك عندما قرروا العودة إلى بلادهم، حتى سميت هذه المعركة ببلاط الشهداء.
– والسبب في انهزام العرب ليس في ضعفهم أو قوة الفرنجة، بل يعود إلى الغنائم الكثيرة التي كانوا مثقلين بها ونومهم العميق تحت سفح الجبل. لكن العرب الذين كانوا في رحلة استطلاع، لم يواجهوا مقاومة إلى غاية وصولهم إلى بواتيه وقرارهم العودة إلى بلادهم، ومع ذلك سلبوا بغير وجه حق كل ما وجدوه ثمينا من الأماكن التي مروا بها.
– وفي سنة 1064م أغار الدوق غيوم الثامن (Guilhem VIII) المدعو (Guy-Geoffroy) (ت 1086م) رفقة أمراء من جنوب فرنسا على الحاضرة الأندلسية بربشتر (Barbastro).
– لقد وقع في هذه الغارة المفاجئة الكثير من الأسرى، ومنهم الجواري والحرائر وكن من المتعلمات.
– وبعد عودتهم أهدوا الأسرى للإمبراطور والكنيسة.
– استخدمت الكنيسة هؤلاء الأسرى في خدمتها وترجمة الكتب العربية إلى اللغة اللاتينية.
– وبعض الجواري امتهن العزف والغناء في قصور أمراء الإفرنج.
– ولم يكن هذا الدوق الذي قاد جيوش الفرنجة في غارتهم على الأندلس سوى غيوم الثامن أبو التروبادور الأول غيوم التاسع (Guillaume IX) (1074م-1127م) الذي ولد بعد موقعة بربشتر بعشرة أعوام.
– وهذا يعني أن غيوم التاسع تربى في أخضان الجواري العربيات ممن أسرهن أبوه في الأندلس.
– لقد تعلم غيوم التاسع تمجيد المرأة ونظم القوافي من الجواري العربيات.
– كماد اشترك بعض شعراء التروبادور إلى جانب الإسبان في الحروب ضد الأندلسيين.
– أما العرب فقد سكنوا أيضا جنوب فرنسا لمدة قرنين من الزمن كما شيدوا قصورا في شرقها وخاصة في مدينة ألبرفيل (Albertville) في القرون الوسطى.
– كما شيدوا أيضا القصور في المدن التي عاش فيها التروبادور كمدينة تولوز وأورانج ومرسيليا.
– أما مدينة ناربونة (Narbonne) فقد حكمها العرب قبل ظهور شاعرها التروبادور غيرو ريكيه الناربوني (Guiraut Riquier) (1230م-1292م).
– كذلك الصراع العسكري في صقلية وإيطالية كان له الأثر على الأدب والفن في المنطقة.
ب – الحروب الصليبية:
– بدأت أول حرب صليبية ضد العرب المسلمين في المشرق بأمر من البابا أوربان الثاني (Urbain II) سنة 1096م وانتهت سنة 1099م، وقد مات البابا أوربان في هذه السنة نفسها. وقد شارك فيها التروبادور الأول غيوم التاسع إلا أنه وصل بعد انتهائها ولم يتمكن من دخول الأراضي المقدسة بعد أن حطم جيشه من قبل الصليبيين المنافسين له وذلك في هرقلة (Heraclea Cybistra)، فلجأ إلى قصر أنطاكيا، وهناك التقى بالعرب وغير العرب الذين يكون قد استفاد منهم بعض الشيء.
– وبعد عودته إلى جنوب فرنسا سنة 1101م نظم أولى أغانيه التي وصلت إلينا، كما نظم قصائد يهجو فيا رجال الدين بعدما اكتشف أن ذهابه إلى المشرق كان فخا نصبته له الكنيسة للتخلص منه والاستيلاء على أملاكه.
– أما جوفري روديل (Jaufré Rudel) أمير بلايا (Blaye) الذي اشتهر بالحب البعيد فقد ذهب إلى المشرق ضمن الحرب الصليبية الثانية بقيادة الملك لويس السابع (Louis VII) (ت 1180م) سنة 1147م.
– وكان قد زعم بأنه سيسافر إلى المشرق من أجل لقاء أميرة طرابلس الشرق التي لم يرها أبدا. فانقطعت أخباره في تلك السنة، ومن المحتمل أنه قتل من قبل أصحابه أو مات في الطريق. وكل ما جاء عن قصة حياته بأنه مات بين ذراعي الأميرة في المشرق هو من نسج الخيال ولا أساس له من الصحة.
– وفي المشرق ظهر شعراء الحروب الصليبية، فمنهم من ولد هناك، مثل المؤرخ غيوم الصوري (Guillaume de Tyr) (ت 1186م).
– وتعد أغنية أنطاكيا من أشهر الوثائق الشعرية التي أرخت للحرب الصليبية الأولى.
ج – العلاقات الدبلوماسية بين العرب والأوربيين:
– بدأت منذ القرن الثامن الميلادي بين العباسيين والفرنجة (Francs) الكارولينجيين (Carolingiens).
– أرسل بيبان الثالث (Pépin III) (ت 768م) في سنة 765م بعثة إفرنجية إلى بغداد. استقبلها الخليفة المنصور (ت 775م) ومكثت ثلاث سنوات. ثم عادت رفقة رسل من الخليفة العباسي إلى مرسيليا.
– كما واصل شارلمان بن بيبان الثالث (Charlemagne) (ت 814م) العلاقات الدبلوماسية مع هارون الرشيد (ت 809م) سنة 801م. ولما تحالف الإمبراطور شارلمان مع الخليفة العباسي هارون الرشيد. لجأ أمويو الأندلس إلى المجوس.
– لقد أرسل الأمير عبد الرحمن الثاني (ت 852م) يحيى الغزال (ت 866م) إلى بلاد النورمان (Vikings) سنة 845 للميلاد. وكان الغزال قد مثل قبل ذلك سفارة أخرى في القسطنطينية لدى الإمبراطور البيزنطي تيوفيلس (Théophile) (ت 849م) في سنة  840 للميلاد. وبعث تيوفيلس بسفارة إلى عبد الرحمن الثاني سنة 839م. بعد أن هدّده الوجود الأغلبي في صقلية والمتوسط..
– أما العلاقات الدبلوماسية بين الإفرنج والأندلسيين فلم تنقطع رغم العداء الديني والسياسي الذي ساد بينهما. ومن ذلك الزيارات المتعددة التي قام الشخصيات الإفرنجية المسيحية والسياسية والمثقفة إلى الأندلس.
– كما كانت علاقات دبلوماسية قائمة بين الصقليين والإيطاليين.
– وكان لهذه العلاقات بالغ الأثر على المجتمع الأوروبي في اللغة والآداب والحضارة.

***

2 – العوامل الاجتماعية:
أ – روابط المصاهرة:
– الروابط الأسرية من أهم عوامل انصهار البشر دما وثقافة.
– من بين دواعي الزواج المختلط الحدود المشتركة والتعايش بين الأجناس.
– ورغم الخلاف في الإيمان فالمصاهرة بين المسلمين والنصارى ظلت مستمرة في الأندلس.
– غير أن هذه المصاهرات لم تخفف من الحقد الذي يكنه النصارى للمسلمين.
– لأن المرأة لم يكن لها اعتبار عند نصارى القرون الوسطى.
– لقد تزوج مسلمو الأندلس بالنصرانيات منذ فتح شبه جزيرة أيبيريا.
– وكان بعض الملوك النصارى يأتون إلى المدن الأندلسية لزيارة بناتهم.
– عادت بعض النصرانيات المتزوجات بالمسلمين إلى أهلهن بعد وفاة أزواجهن.
– كانت زوجات المسلمين الأعجميات تلتقي بالإفرنج الذين تعودوا على زيارة قصور نصارى الشمال.
– ولم يقتصر زواج المسلمين بالإسبانيات بل بعضهم تزوج أيضا بالإفرنجيات.
– كما تزوج النصارى هم أيضا من بعض المسلمات السبايا والجواري.
– وكان بعض ملوك شمال إسبانيا في القرن الثامن الميلادي من أمهات مسلمات، أسهمت في نقل العناصر الثقافية العربية الإسلامية إلى شمال إسبانيا وجنوب فرنسا.
– كان ألفونسو السادس (Alfonso VI) (ت 1109م) بعد استيلائه على طليطلة سنة 1085م قد تزوج بالجارية زايدة التي أهداها له المعتمد بن عباد (ت 1095م)، والتي يعود إليها الفضل في مخالطة ألفونسو للعلماء وحمايته لشعراء التروبادور الإفرنج والإسبان.
– وهذا ما أدى به أيضا إلى إنشاء مدرسة المترجمين في طليطلة التي كانت أولى المدارس الأوروبية في نقل معارف العرب والمسلمين من العربية إلى اللغات اللاتينية.
– أما الصليبيون فقد تزوجوا هم أيضا بالنساء المشرقيات المسلمات وغير المسلمات.
– كانت قصور الصليبيين في حلب وطرابلس وأنطاكيا وفلسطين تعج برجال الأدب والتاريخ الإفرنج والمسلمين.
– كما صاهر أمراء الإفرنج نصارى الإسبان في القرون الوسطى. وكان الشعراء التروبادور يزورون قصور أمراء إسبانيا كلما سنحت لهم الفرصة حيث استفادوا من الثقافة الأندلسية بفضل الجواري والأسرى الأندلسيين الذين كلفوا بخدمة القصر.
– كان التروبادور الأول الكونت غيوم التاسع كثيرا ما يتردد على قصور أمراء الإسبان، وبالخصوص قصر أخته غير الشقيقة أنياس (Agnès) زوجة ألفونسو السادس صاحب طليطلة. وكان يمضي شهورا طويلة في شمال إسبانيا، حتى أنه تزوج سنة 1094م من فيليبا (Philippa) أرملة سانشو راميريز (Sancho Ramirez) ملك أراغون.
– كما زوج غيوم التاسع بناته لأمراء إسبانيا وصقلية وفرنسا. كما عمل أحفاده على نشر مبادئ الكورتوازية في أنحاء أوروبا. ومنهم آليينور داكيتان (Aliénor d’Aquitaine) (ت 1204م) وأبناؤها ماري دي فرانس (Marie de France) كونتيسة شامبانيا (Comtesse de Champagne) (ت 1198م) وريشارد قلب الأسد (Richard Cœur de Lion) (ت 1199م).
ب – شعراء القصور:
– لم تخلو قصور الأمراء في الأندلس وشمال إسبانيا وبروفنسا (Provence) من الشعراء في القرون الوسطى.
– وكان هؤلاء الشعراء من عرب وإسبان وإفرنج يتبادلون الزيارات فيما بينهم.
– لقد استخدم النصارى في إسبانيا وصقلية مغنيين عربا من كلا الجنسين في قصورهم.
– وكان ينشط سهرات ممالك الشمال مغنون عرب وإسبان وبروفنسيون.
– وكان بعض الأندلسيين من تجار وأهل الفن قد ترددوا على قصور ممالك الإسبان.
– كان ابن الكتاني الطبيب الذي امتهن تجارة الجواري يلتقي في قصور النصارى مغنيات مسلمات ممن وهبهن أمراء العرب للنصارى أو السبايا. وكان ابن الكتاني يعلم جواريه اللغة والشعر قبل بيعهن لممالك الشمال.
– دعا ألفونسو السادس شيوخ المسلمين واليهود إلى تعليم اللغة العربية وفنونها في قصره بمدينة طليطلة.
– أما الشاعر ابن عمار (ت 1086م) وزير المعتمد بن عباد فقد تردد لعدة مرات على قصر ألفونسو السادس في طليطلة. كما كان ألفونسو يتكلم ويكتب العربية وتزوّج من مسلمات وأيبيريات وبروفنسيات. كما زوّج بناته للإسبان والبروفنسيين والصقليين. وكان يتردد على قصره شعراء مسلمون وتروبادور من بروفنسا وإسبانيا.
– كانت قصور ممالك إسبانيا الجسر الذي ربط بين الثقافتين العربية والبروفنسية. فالشاعر ماركبرو (Marcabru) (ت 1150م) نظم قسما من شعره في قصور إسبانيا. وكذلك هاجر التروبادور الإسبان إلى بروفنسا.
– أما قصور النورمان في صقلية بعد الاستيلاء عليها سنة 1091م، فكانت تعج بالشعراء المسلمين. وكان الملك روجار الثاني النورماني (Roger II) (ت 1154م) يتكلم اللغة العربية ويكتبها وكانت حاشيته كلها من العرب المسلمين.
– لقد عمل ملوك النورمان في صقلية على نشر المعارف الإسلامية في إيطاليا وأوروبا، بعد أن أسس فريدريك الثاني (Fréderic II) (ت 12050م) الذي كان يتكلم العربية، معهدا للدراسات الفلسفية كما كان يرعى الشعراء العرب في قصره.
– كما كان تروبادور بروفنسا وإيطاليا كثيرا ما يتبادلون الزيارات فيما بينهم. وقد انتقل شعر السيدة الغنائي إلى إيطاليا بفضل الشعراء البروفنسيين.
ج – العلاقات المهنية:
1 – الهجرة: ظاهرة اجتماعية تكثر في بعض المجتمعات المتقدمة.
– لقد كانت الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس أرقى الحضارات. لذا هاجر إليها الأوروبيون لمقاصد مختلفة. كما هاجر إليها بعض البروفنسيين بسبب غزوات الإفرنج التي ذاقوا منه ذرعا.
– كما هاجروا أيضا إلى المشرق العربي بدعوى زيارة الأراضي المقدسة. وكان أغلبهم من الأعيان والأمراء والمغامرين والتجار والجواسيس.
– استعان الحجاج في بلاد الشام بالمثقفين العرب في معرفة حضارة الإسلام. كما لجأوا أيضا إلى السريان الذين كانوا يتقنون اللاتينية والعربية والسريانية.
– بل هاجر بعض السريان أيضا إلى أوروبا واندمجوا في المجتمع الأوروبي لكونهم مسيحيين. استقروا في بلاطات الإفرنج وتوسطوا بين الأدباء من العرب والإفرنج.
– اختلط الحجيج الإفرنج بالمسلمين وغير المسلمين ممن يحملون الثقافة العربية. وكان مما أخذه الإفرنج من العرب يفوق مما أخذه العرب من الأوروبيين.
– أما العرب فقد كانت لهم مواقع في جنوب فرنسا استقروا فيها، على الساحل اللازوردي (Côte d’Azur) وداخل البروفنس وبعض نواحي بلاد اللانكدوك (Languedoc).
– إن وجود العرب في فرنسا لم يقتصر على الفاتحين فحسب. بل نزح إلى هذا البلد عدد من أفراد الشعب الأندلسي، لأسباب متعددة.
– انتشار العرب في فرنسا لم يقتصر على المناطق الجنوبية. بل سكنوا أيضا المناطق الشمالية والشرقية. وتعود آثارهم في مدينة ألبرفيل السياحية إلى القرن الثامن الميلادي.
– ومن نتائج احتكاك الفرنسيين بالأندلسيين تأثر أدب التروفير (Trouvères) في شمال فرنسا بالثقافة العربية وخاصة عناصر الغزل العفيف والمواقف البطولية النبيلة.
– لقد هاجر الجونغلير الأيبيريون (Juglares) أيضا إلى بلاد البروفنس. إما طلبا للعيش والتكسب أو لمقاصد أخرى، ونقلوا معهم الثقافة الأندلسية.
– كما هاجر العرب والإفرنج أيضا إلى جزيرة صقلية واختلطوا بأهلها على اختلاف أعراقهم، علما بأن الجزيرة كانت في القرون الوسطى مركزا من مراكز الإشعاع الثقافي.
2 – التجارة: رفاهية الأندلس واستقطابها للأوروبيين جعل منها مركزا تجاريا بامتياز.
– وكان للعرب مراكز تجارية أخرى في إيطاليا وجنوب فرنسا.
– بيزا (Pisa) وجنوة (Genova) من أهم المدن التي كان يقصدها التجار العرب في القرون الوسطى. وكان شمال إيطاليا من الطرق التي مرت بها حضارة العرب المسلمين إلى أوروبا.
– وفي صقلية ازداد نشاط التجارة منذ عهد الأغالبة بين الصقليين والإيطاليين. وعمت التجارة بين أقاليم البحر المتوسط.
– وقد تطورت العلاقات التجارية بين العرب والإفرنج أثناء الحروب الصليبية.
– كما كان بعض البروفنسيين والأندلسيين يتاجرون فيما بينهم، وكان منهم التجار الشعراء.
– والمصطلحات التجارية العربية التي اقتبسها الغربيون دليل على سيادة التجارة العربية في ذلك الوقت.
– كما كان العبيد أيضا مصدر رزق في أوروبا الغربية عند النصارى واليهود والمسلمين.
– وكان أمراء العرب في الأندلس يطلقون سراح العبيد في المناسبات. وقد أفادوا المجتمع الذي سيقوا إليه بمعارفهم وثقافتهم قبل أن يذوبوا فيه.

***

3 – العوامل الثقافية:
أ – اللغة العربية في الأندلس:
– استخدم المسلمون اللغة العربية في الأندلس منذ استقرارهم فيها، ولم تقتصر على العرب وحدهم، بل حتى المستعربة (Mozarabes) كانوا يتكلمون ويكتبون اللغة العربية، وعم انتشارها حتى خارج الحدود الأندلسية، في ليون وقشتالة ونفارا وغيرها من المناطق الإسبانية.
– وكان المستعربة الوسيط في نقل فنون الحضارة الإسلامية إلى الممالك الشمالية.
– لقد دعا ألفونسو السادس العرب إلى طليطلة للترجمة وتعليم اللغة العربية لأبناء النصارى.
– وكان بعض أمراء الشمال يتكلمون اللغة العربية. ومنهم بدرو الأول (Pedro I) (ت 1104م) ملك أراغون الذي كان يوقع « بيطر بن شانجة » على الطريقة الأندلسية. وكان ألفونسو العاشر ينظم الشعر باللغة العربية. هؤلاء الملوك كانت تربطهم علاقات ودية بالتروبادور.
– وكذلك الفيلسوف الإسباني رايمون لول (Raymond Lulle) (ت 1316م) كان يكتب العربية والكتالونية. وكان يستعمل اللغة العربية في مجادلاته مع المسلمين والتبشير في المغرب. وقد كتب بعض مؤلفاته بالعربية أولاً، ثم ترجمها إلى الكتالونية. وقد تأثر هذا الرجل في فلسفته بالمتصوفة المسلمين الأندلسيين والمغاربة.
– ومن رجال الدين من استخدام اللغة العربية لمهاجمة الإسلام والمسلمين. ومنهم القس رايمون مارتين الدومينيكي (Raymond Martin) (ت 1284م) وهو من كتالونيا الذي تعلم اللغة العربية لهذا الغرض.
– وأما أمراء صقلية النورمان فكانوا يتكلمون اللغة العربية إلى جانب لغتهم الأصلية. بل وجعلوا اللغة العربية لغة القصر أيضا.
– كان غيوم الأول بن روجار الثاني (ت 1166م) قد رعى الشعراء العرب في صقلية. وأكد ابن جبير (ت 1217م) أن غيوم الثاني (Guillaume II) (ت 1189م) كان يتكلم العربية ويكتبها. وكان يكافئ الشعراء ذهبا على مدحهم له. وكان روجار الأول والثاني وفريدريك الثاني يتكلمون أيضا اللغة العربية.
– وفي البروفنس أثرت اللغة العربية على لغة الشعراء التروبادور. جاءت أسماء عربية في أشعار التروبادور ينطقونها سليمة من الشوائب. بخلاف الأوروبيين الآخرين الذين غالبا ما يحرفون الأسماء العربية.
– يرى بعض الدارسين أن اللهجات السائدة في أوفرن (Auvergne) وليموزي (Limousin) الفرنسيتين محشوة بالكلمات العربية. وأن بعض أسماء الأعلام فيها هي ذات مسحة عربية. وذكر لوبون (Gustave le Bon) (ت 1931م) أن الأثر العربي في اللغة الأوكسيتانية (Occitan) واضح لا يعتريه أدنى شك.
– إقبال الإسبان والإفرنج على تعلم العربية يعود لكونها كانت لغة الحضارة الراقية. فكان النصارى يقلدون العرب المسلمين في كل شيء.
– وكان للغناء الأثر البالغ في انتقال الشعر العربي إلى بلاد الإفرنج. حتى أن الشاعر الإيطالي الكبير بتراركا (Petrarca) (ت 1374م) تحسر بعدما لاحظ تفوق الشعر العربي على أشعار الأمم.
ب – اتصال الأوربيين بالثقافة العربية:
– عرفت الأندلس انتشار الكتب والمكتبات في كافة طبقات المجتمع، حتى الفلاح كان يملك مكتبة. وأما رجال الدين المسيحي في القرون الوسطى فكانوا يمنعون خروج الكتب إلى العامة من المجتمع الأوروبي، فظلت الكتب عندهم مدفونة في رفوف الكنائس والأديرة.
– التسامح الديني في الأندلس أدى إلى توافد طلاب العلم من كافة أنحاء بلاد الإفرنج على المدن الأندلسية. وكان الطلاب الأوروبيون يدرسون العلوم العربية مباشرة دون وساطة المترجمين.
– لقد عمل البابا جربرت دورياك (Gerbert d’Aurillac) (سلفستر الثاني) (ت 1003م) على تعريف الفرنسيين بعلوم العرب بعد رجوعه من الأندلس.
– وفي الأندلس عكف علماء أوروبا على ترجمة الفلسفة اليونانية إلى اللغات اللاتينية.
– وكان برونيتو لاتيني (Brunetto Latini) (ت 1294م) أستاذ دانتي أليغييري (Dante Alighieri) (ت 1321م) الذي اتصل بمترجمي مدرسة طليطلة، قد جلب معه كتبا مترجمة بعد عودته إلى فلورنسا (Florence). لذا، فقد تأثر دانتي بالثقافة الإسلامية بفضل برونيتو لاتيني.
ج – مراكز الترجمة في الأندلس وأوروبا:
– اهتم الأوروبيون منذ القرن الثامن الميلادي بالثقافة العربية الإسلامية. وقد أولوا اللغة العربية عناية خاصة.
– تعلموا العربية من أجل ترجمة المعارف اليونانية والعربية إلى اللاتينية.
– ومن بين أعلام حركة انتقال علوم العرب والمسلمين من الأندلس إلى أوروبا، ليوناردو البيزي (Leonardo Pisano Fibonacci) (ت 1250م) الذي نقل الأرقام العربية إلى أوروبا وكان قد تعلم على يد شيخ في بجاية. وكذلك أرنالدو دي فيلانوفا (Arnaldo de Villanova) (ت 1311م) الذي تلقى تعليمه كله في الأندلس على يد العرب.
– وفي روما، استخدم رجال الدين الأسرى المسلمين في ترجمة معارف العرب. ولعل أبرزهم الحسن بن الوزّان الملقب بليون الإفريقي (ت 1554م) الذي أجبر على التأليف في روما لمدة 17 سنة.
– ويعد قسطنطين الإفريقي (ت 1087م) من أهم المترجمين في أوروبا. لقد ترجم هذا المرتد وألف كتبا عديدة حول تاريخ العرب وجغرافية بلدانهم. مؤلفاته دفعت الكثير من العلماء الطليان والإفرنج للاهتمام بعلوم العرب وتاريخهم.
– وفي إسبانيا، جعل النصارى من طليطلة بعد الاستيلاء عليها، مركزا مهماً انتشرت منه علوم المسلمين إلى أوروبا. لقد أنشأ ألفونسو السادس « معهد المترجمين الطليطليين » في المدينة. لجأ إليه نفر من المثقفين اليهود والمستعربة الإسبان وبعض العرب الأندلسيين.
– أشهر مترجمي معهد طليطلة هم الإنكليزيان روبرت الكتوني (Robert of Ketton) (ت 1160م) وأدلار الباثي (Adelard of Bath) (ت 1152م)، والإيطالي جيراردو الكريموني (Gerardo de Cremona) (ت 1187م) واليهوديان إبراهيم بن عزرا (Abraham Ibn Ezra) (ت 1167م) وأخوه. وقد ترجمت إلى اللاتينية عدة كتب فلسفية وطبية وأدبية وتاريخية. ويرجع الفضل في ترجمة النصوص العربية إلى الدون رايمون (Raymond de Sauvetat) (ت 1152) أسقف المدينة.
– شهد القرن (5هـ-11م) الانتقال المتميز لثقافة العرب وعلومهم إلى أوروبا. ويعد أيضا بداية ترجيح الكفة بين الحضارتين. وبدأ تفوق الأوروبيين في القرن (9هـ-15م).
– الصراع بين المسيحيين والمسلمين في الأندلس وصقلية والمشرق، كان من بين الأسباب التي أدت بالأوروبيين إلى الاقتباس من معارف العرب وثقافتهم.

***

4 – عوامل التأثير والتأثر الحديثة:
أ – الوسائل السمعية البصرية:
– ومنها الراديو وهو من العوامل التي ظلت إلى اليوم وسيلة اتصال بين الأفراد والأمم بغض النظر عن المسافات. وللراديو تأثير بالغ في مجالات الفن والأدب والمعارف الأخرى على المجتمع.
– أما السينما فهي من الوسائل التي استحدثت لتجسيد الأعمال المعرفية صورة وصوتا. وللسينما علاقة وطيدة بالأدب والمسرح.
– التلفزيون وهو من أهم العوامل السمعية البصرية التي تقدم مختلف ألوان الفن والأدب والمعارف الأخرى للمشاهد في أي مكان حيث يكون.
– وهناك وسائل أخرى غير التي ذكرناها.
ب – الوسائل المكتوبة:
– ومنها الجرائد التي تصدر يوميا وأسبوعيا والتي تقدم للقارئ مختلف ألوان المعرفة. والجرائد هي أكثر مقروئية من الوسائل الأخرى وهي الأكثر تأثيرا على المجتمع.
– المجلات التي تصدر شهريا أو فصليا. ومنها المجلات المتخصصة، كالمجلات الأدبية والعلمية والتاريخية وغيرها.
– الكتب وهي من أهم وسائل المعرفة. لقد أصبح انتشار الكتب المطبوعة أسهل مما كانت عليه في العصور الوسطى.
ج – وسائل الإعلام الآلي:
– وهي من أخطر عوامل التأثير في العصر الحديث. وتتمثل في الكمبيوتر وأدواته كالبرامج والأقراص وغيرها. وأما الأنترنت فهي الأكثر تأثيرا على المجتمع من الوسائل الأخرى وفي كافة المجالات.
– ومن مميزات وسائل الإعلام الآلي، الدقة والسرعة في التنفيذ والاتصال. وبفضل الأنترنت أصبح العالم قرية صغيرة يجول فيه المرء بكل سهولة. كما أصبحت جل المعارف الإنسانية في متناول الجميع يتأثر بها الفرد أو يؤثر في الأمم الأخرى دون عناء.
– غير أن هذه الوسائل الحديثة ظهرت في وقت ازدهار الحضارة الغربية. لذا فالعرب هم الذين تأثروا في هذا العصر بمختلف ألوان الفنون والمعرفة الغربية.

***

ملخص:
أولا: العوامل السياسية:
1 – الصراع العسكري بين العرب والفرنجة:
– سبايا وأسرى الحروب بين الأندلسيين والأوروبيين ودورهم في نشر معارف العرب في المجتمع الأوروبي.
2 – الحروب الصليبية:
– احتكاك الصليبيين بالعرب، واشتراك بعض شعراء التروبادور في الحروب الصليبية.
3 – العلاقات الدبلوماسية:
– قامت بين الفرنجة والعباسيين وبين الأندلسيين والبيزنطيين، وقد أثرت على المجتمع الأوروبي في اللغة والآداب والحضارة.
ثانيا: العوامل الاجتماعية:
1 – روابط المصاهرة:
– تزوج الأندلسيون من النصرانيات كما تزوجوا بالإفرنجيات أيضا، وقد أسهم الزواج المختلط في نقل ثقافة العرب إلى أوروبا.
2 – شعراء القصور:
– التقى الشعراء العرب والأوروبيون في قصور الأمراء، كما استخدم النصارى في إسبانيا وصقلية مغنيين ومغنيات عربا في قصورهم.
3 – العلاقات المهنية:
أ – الهجرة:
– لقد هاجر الأوروبيون إلى الأندلس كما استقر العرب أيضا في فرنسا وإيطاليا في القرون الوسطى، مما أدى إلى انتشار الثقافة العربية في أوربا.
ب – التجارة:
– انتقلت المصطلحات العربية التجارية إلى أوروبا بفضل التجار العرب، كما أسهم العبيد أيضا في نقل معارف العرب إلى المجتمع الأوروبي.
ثالثا: العوامل الثقافية:
1 – انتشار اللغة العربية:
– إقبال الإسبان والإفرنج على تعلم العربية لأنها كانت لغة الحضارة الراقية، وقد أثرت على لغة الشعراء التروبادور في جنوب فرنسا.
2 – اتصال الأوروبيين بالثقافة العربية:
– درس الطلاب الأوروبيون العلوم العربية في الأندلس، كما تأثر الكثير من أدباء ومفكري أوروبا في ذلك الوقت بالثقافة العربية.
3 – مراكز الترجمة في الأندلس وأوروبا:
– اهتم الأوروبيون بالثقافة العربية الإسلامية، لذا ترجموا معظم كتب العرب المسلمين إلى اللغات اللاتينية.
رابعا: عوامل التأثير الحديثة:
1 – الوسائل السمعية البصرية:
– ومنها الراديو والسينما والتلفزيون، وهي من أهم العوامل التي تقدم مختلف ألوان الفن والأدب والمعارف الأخرى للمستمع والمشاهد حيثما وجد.
2 – الوسائل المكتوبة:
– ومنها الجرائد والمجلات العامة والمتخصصة، وكذلك الكتب وهي من أهم وسائل المعرفة التي أصبح انتشارها أسهل مما كانت عليه في العصور الوسطى.
3 – وسائل الإعلام الآلي:
– وهي من أخطر عوامل التأثير في العصر الحديث، وهي تتمثل في الكمبيوتر وأدواته كالبرامج والأقراص وغيرها، أما شبكة الأنترنت فهي الأكثر تأثيرا على المجتمع من الوسائل الأخرى وفي كافة المجالات.

***

* – الأثر العربي الأندلسي في الشعر الأوروبي:
1 – البناء الشعري الخارجي:
– يُعد غيوم التاسع (Guilhem IX) (ت 1127م) كونت بواتيه ودوق أكيتانيا السابع أول شاعر من جنوب فرنسا أدخل نظام القافية بكل أنواعها إلى الشعر الأوروبي.
– وكان غيوم التاسع أول من نظَم القافية الموحّدة التي اشتهر بها الشعر العربي، وذلك في ثلاث قصائد من ديوانه.
– كما استخدم البروفنسيون القصائد المربعة والمخمسة وغيرها من الأشكال التي نجدها في المسمطات العربية والموشحات والأزجال.
– هذه الأشكال الشعرية التي وردت عند التروبادور، لم ترِد في الشعر الأوروبي الذي سبقهم. بل تأثروا فيها بالشعر العربي الذي يعد أول شعر عرف القافية.
– لقد برَع الشعراء الأوكسيتانيون في القوافي ولم يكتفوا بما نقلوه عن الأندلسيين بل أضافوا أشكالاً أخرى إلى شعرهم، كما غيّروا في الكثير من عناصر القصيدة.
– في الشعر الأوكسيتاني يستهل الشعراء قصائدهم بالمطلع مثلما يرد في الموشحات والأزجال عند الأندلسيين.
– وتسمّى المقطوعة الواحدة من القصيدة عند التروبادور بيتا (vers) وهي التسمية نفسها التي نجدها في الموشحات والأزجال.
– ترِد الأبيات في الشعر الأوكسيتاني متفاوتة الأقسمة، فمنها ما جاء مركّبا من أربعة أشطر مع قفل من شطر واحد، وهذا الشكل استخدمه الأندلسيون في الأزجال.
– لقد نظم ماركبرو قصائد عديدة على منوال الموشحات، ومنها قصيدته المشهورة « الزرزور » (Estornel)، التي جاءت مطابقة لموشحة أبي بكر الأبيض من حيث الشكل.
– وكان غيوم التاسع أول شاعر أوروبي استخدم الأقفال في الشعر إلا أنه أحدث تغييرا طفيفا خرج بها خروجا قليلا عن النماذج الأندلسية. والقفل يسمّى (vuelta) عند الشعراء التروبادور.
– وقد تخلو القصيدة الأوكسيتانية من المطلع وتكتفي بالأقفال، شأنها في ذلك، شأن الموشحات والأزجال الأندلسية.
– الخرجة عند الشعراء البروفنسيين تُسمّى (finida). ظهرت الخرجة لأول مرة في الموشحات ثم في الأزجال، ولم يعرف الشعر الأوروبي الخرجة قبل شعراء التروبادور الذين عاصروا أشهر الوشاحين والزجالين الأندلسيين.
– فالخرجة عند الأندلسيين هي القفل الأخير من الموشحة أو الزجل، أما في الشعر الأوكسيتاني فقد تكون بعض الخرجات القفل الأخير من القصيدة، والبعض الآخر يأتي بعد القفل الأخير مباشرة وبالقافية نفسها.
– لقد تطرقت الخرجات الأوكسيتانية إلى المواضيع نفسها التي طرقها الأندلسيون في خرجاتهم، وأن الخرجات الأوكسيتانية أيضا جاءت مطابقة تماما للخرجات الأندلسية من حيث الشكل.
2 – البناء الشعري الداخلي:
– البيت في الشعر الأوكسيتاني يعتمد على الوزن المقطعي بينما الشعر العربي نظامه كمي. وكلاهما يبنى على التفعيلة. غير أن بعض الموشحات الأندلسية قد تقطع كميا ومقطعيا أيضا.
– وبما أن الموشحات نظمت في الغالب للغناء، فإن بعض القصائد البروفنسية جاءت على منوال بعض الموشحات من حيث عدد المقاطع الصوتية التي يتكون منها البيت. وقد أخذ التروبادور هذه الأوزان من خرجات الموشحات التي نظمها الأندلسيون باللغة العجمية.
– إلى جانب اللغة الأوكسيتانية أو لغة أوك (oc) التي نظَم بها التروبادور قصائدهم، استعمل بعض الشعراء مفردات أجنبية في شعرهم، منها ما يعود أصله إلى اللهجات الأيبيرية واللغة العربية واللغة الإيطالية القديمة وكذلك الفرنسية.
– جاءت هذه المفردات متناثرة في ثنايا قصائدهم على غرار ما ذهب إليه ابن قزمان الأندلسي (ت 1160م) في أزجاله إذ كان يستخدم أحيانا اللفظ العجمي في نظْمه.
– ومن الشعراء من يستخدم مقطوعات كاملة بلغة أجنبية، وكان أول من ذهب في هذا الطريق غيوم التاسع الذي ضمّن قصيدته مقطوعة برمتها صَعُبَ على الدارسين تفسير معناها وتبيان أصلها اللغوي.
– يجمع الباحثون المحدثون على أن لغة هذه المقطوعة الشعرية ما هي إلا لغة عربية محرفة. لكن غيوم أراد من خلال هذه اللغة المبهمة السخرية من اللغة اللاتينية التي هي أيضا غير مفهومة في بلاده.
– أما ابن قزمان فقد استخدم في أزجاله هو أيضا مقطوعات تكاد تكون كلها بالعجمية. ومن المؤكد أنه ورث هذه الطريقة عن الزجالين الذين سبقوه أو الوشاحين الذين كانوا يستعملون العجمية في خرجات موشحاتهم.
– لقد نظَم شعراء الأوكسيتانية بعض الأقفال بلغات أجنبية نقلا عن الأندلسيين الذين نظَموا بعض الخرجات بالعجمية.
– استخدم التروبادور البروفنسيون ألفاظا مشتركة بينهم، استهلوا بها مقدمات قصائدهم، من بينها لفظة « رفاقي » أو « خليليّ » (companho) التي تداولها أكثر من شاعر في مقدمة قصيدته، وكان أول من استخدمها، الكونت غيوم التاسع الذي بدأ بها قصائده الثلاث الأولى.
– هذه الألفاظ المألوفة عند الشعراء الجاهليين، تعوّد الشعراء الأندلسيون على استخدامها في شعرهم قبل الشعراء البروفنسيين.
– وقد تشبه لفظة « رفاقي » الأوكسيتانية لفظة « صاحبيّ » التي انتشرت كذلك في مقدمات الشعر العربي من قصائد وموشحات.
– لقد تعوّد الشعراء العرب أن يخاطبوا المرأة بصيغة المذكر، وذلك منذ العصر الجاهلي، كأن يقال لها: سيدي ومولاي وحبيبي، بدلاً من سيدتي ومولاتي وحبيبتي. وقد استخدمها الأندلسيون أيضا في شعرهم من موشحات وقصائد.
– هذه الصيّغ استلطفها البروفنسيون ونقلوها حرفيا عن الأندلسيين إجلالاً للمرأة واحتراما لها. وكان التروبادور غيوم التاسع كونت بواتيه أول من استخدم لفظة « سيدي » في الشعر الأوكسيتاني عند مخاطبته المرأة.
– لقد تعوّد غيوم التاسع على ذكر لفظة (midons) في بعض قصائده بمعنى سيدي أو مولاي، وظفها لأول مرة في الشعر الأوروبي. وقد استعذبها الشعراء التروبادور واستخدموها في شعرهم الكورتوازي للإشارة إلى السيدة.
– كما استخدم البروفنسيون لفظة حبيبي وصديقي عند مخاطبتهم سيداتهم في قصائدهم. وقد جاءت أشعار كثيرة من هذا النوع يخاطب فيها أصحابها سيداتهم بصيغة المذكر، على غرار ما هو شائع في الشعر العربي من قصيد وموشح وزجل.
– وفي الصورة الشعرية، استخدم التروبادور التعابير نفسها تقريبا التي وظفها العرب في المرأة ومنها الخناجر في صف قساوة العيون، والقمر في وصف الوجه وغيرها.

***

3 – الأغراض الشعرية الغزلية:
أ – الحب المؤانس:
– من المواضيع التي تطرق إليها شعراء التروبادور الحب المؤانس أو الكورتوازي (amour courtois) وهو حب فروسي يتسم بالقيم النبيلة. هذا المفهوم يتميز بتمجيد المرأة والخضوع لها حتى وإن لم تبادل العاشق الشعور نفسه.
– وقد وردَ هذا الموضوع في الشعر العربي واشتهر به العذريون الذين لم يكتب لهم الزواج بمعشوقاتهم، ومع ذلك، ظلّ هؤلاء الشعراء العرب يتغزلون بهن إلى آخر أيامهم.
– غير أن حب العذريين لصاحباتهم بدأ قبل زواجهن. لكن الحب الأوكسيتاني قصد سيدات متزوجات من قبل أو أرامل، وهو تأويل خاطئ لاعتقادهم أن العذريين لا يتغزلون إلا بالنساء المتزوجات.
– ويعد غيوم التاسع كونت بواتيه أول من نظم الشعر الغنائي الكورتوازي. أما برنار دي فنتادور (Bernart de Ventadorn) (ت 1195م)، فهو من بين الشعراء البروفنسيين الأوائل الذين طرقوا باب الحب الطاهر وهو من المجددين لشعر الحب المؤانس. فالحب الطاهر الذي نظمه برنار دي فنتادور لا يختلف كثيرا عن الحب العذري الذي وردَ عند العرب.
– أما غيوم دي مونتانياغول (Guilhem de Montanhagol)، (ت 1268م) فهو أول تروبادور يتطرق إلى العفاف في الشعر الأوكسيتاني. ويذهب مؤرخو الشعر الأوكسيتاني إلى أن غيوم دي مونتانياغول أول من تطرق إلى موضوع الحب العفيف.
– إن الحب العفيف الذي وردَ في الشعر الأوكسيتاني انتقل إلى شعراء التروبادور بوساطة الجونغلير من الأندلس، واستخدمه الشعراء سلاحا في وجه الكنيسة والسخرية من رجال الدين الذين كانوا يحتقرون المرأة.
ب – الحبيبة المجهولة:
– قصيدة الحبيبة المجهولة وتسمّى أيضا بالحب المستحيل، والحب البعيد (l’amour lointain) ظهرت لأول مرة عند التروبادور غيوم التاسع. في هذه القصيدة يتحدث الفارس عن همومه واشتياقه لرؤية حبيبته التي لم يرها في حياته.
– ارتبط موضوع « الحبيبة المجهولة » بالشاعر جوفري روديل (Jaufré Rudel) أمير بلايا (ت 1147م) الذي يعد من أشهر شعراء التروبادور في هذا المجال. لقد هام بحب كونتيسة طرابلس الشرق، ولم يرها أبدا في حياته ومع ذلك نظَم فيها شعرا كثيرا سمّاه « الحب البعيد » (amor de lonh).
– أما رامبو دورانج (Raimbaut d’Aurenja) (ت 1173م) فقد هام بحب فتاة لمباردية، هي كونتيسة أورجل (Urgel). لم يرها بل أحبها لما سمع عنها من أوصاف حميدة. وقد نظَم فيها عددا من القصائد، ولم تكن له الفرصة للقائها ومات دون أن يراها.
– الحب بالوصف نوع من الشعر ظهر في الأندلس قبل عصر غيوم التاسع وجوفري روديل ورامبو دورانج، وقد وردَ عند الأندلسيين في مختلف الأشعار، من قصائد ومقطّعات وأزجال وموشحات. وفي هذا الموضوع نفسه أورد ابن حزم الأندلسي في « طوق الحمامة » باباً في الحب بالوصف.
– يعد سعيد بن جودي الأندلسي أمير ألبيرة (Elvira) من أبرز الشعراء الفرسان الذين اشتهروا بهذا الموضوع. لقد دخل ذات يوم مدينة قرطبة، واقترب من قصر الأمير فسمع جارية تغنّي، كانت موصوفة في زمانها بالجمال والحسن، فهام بذكرها، فقال فيها شعرا كثيرا ولم يبق منه سوى مقطوعة. ولم يختلف شعراء التروبادور عن أمير ألبيرة في هذا الموضوع، غير أن الشاعر سعيد بن جودي المتوفى سنة (284هـ-897م)، قد سبق بكثير شعراء التروبادور الذين ظهروا لأول مرة في البروفنس في مطلع القرن الثاني عشر الميلادي.
ج – قصيدة الفجر:
– الفجرية (alba) قصيدة غزلية يتحدث فيها الشاعر عن لقاء فارس وسيدته في ليل حالك، غير بعيد عن قصر أمير من أمراء الإقطاع، لكنهما يستقصران الليل ويشتكيان من طلوع الفجر المبكّر. وغالبا ما يكون معهما شخصية ثالثة تتمثل في الصديق الذي يسهر على حراستهما وأحيانا الرقيب الذي قد يكتشفهما.
– هذه القصيدة التي تتهجم فيه الفتاة على بزوغ الفجر استخدمها شعراء التروبادور للسخرية من رجال الإقطاع الذين يتحصنون في قلاعهم خوفا من أي مكروه خاصة أثناء الليل.
– موضوع « استقصار الليل » ظهر في الشعر العربي قبل ظهور التروبادور، طرقه أيضا الوشّاحون والزجالون الأندلسيون، كما نظمه المتأخرون من شعراء الملحون في بلاد المغرب والمشرق.
د – الأغنية الرعوية:
– القصيدة الرعوية (pastorella) تخص فتاة ريفية وغالبا ما تكون ترعى الغنم وحدها. ينظم هذا النوع من الشعر في شكل حوار بين الراعية والفارس الذي يحاول إغراءها بوعود جميلة، لكن الفتاة، وبأسلوب يغلب عليه الأصالة واللطف، تحبط كل المحاولات التي يبادر بها الفارس الغاوي. وفي الخرجة يثني الشاعر على الفتاة مستعرضا خصالها ونبلها.
– لقد ظهر هذا الموضوع في ثنايا الشعر العربي، فالشاعر يتغنى بخصال الفتاة البدوية في المشرق والريفية في المغرب، إلا أن العرب لم يوظفوا موضوع الإغراء كما ذهب شعراء أوك في مستهل قصائدهم، ومع ذلك جاءت قصائدهم أكثر انسجاما وكأن هؤلاء التروبادور كانوا ينسجون على منوال نماذج ملزمة.

***

4 – الخصائص المشتركة في شعر الغزل:
أ – شكوى الفتاة:
– تأتي في الشعر الأوكسيتاني عند التروبادور أمثلة كثيرة تُصوّر لنا الفتاة وهي تبكي فراق حبيبها. ومن ذلك صوّر لنا ماركبرو في قصيدة حوارية بكاء الفتاة على فراق حبيبها الذي سيق إلى الحرب، لائمةً في ذلك الملك لويس السابع الذي أمر بهذه الحرب وهي الصليبية الثانية سنة 1147م.
– يرد هذا الموضوع في الموشحات والأزجال الأندلسية. إذ يجعل الوشّاحون الكلام على لسان الفتاة في المقطوعة الأخيرة بما فيها الخرجة من موشحاتهم. كما وردَ هذا الموضوع أيضا في بعض الأزجال.
– هذه الخرجات كانت تغنّيها الفتيات رفقة العود في مجالس الأنس التي كانت تقام في قصور المسلمين وفي قصور النصارى أيضا بشمال الأندلس، ونظم على منوالها تروبادور إسبانيا الأغاني المسماة (cantigas di amigo) بمعنى « أغاني الحبيب ».
– وهذا من جملة الأسباب التي أدّت إلى انتقال هذا الموضوع إلى ما وراء البرانس من قبل الجونغلير (Juglares) المتكسبين وهم مداحو الأسواق الذين ترددوا أيضا على قصور بلاد أوك (pays d’oc)، فتناوله الشعراء التروبادور في قصائدهم وتناقله الذين جاءوا من بعدهم من شعراء اللغة الأوكسيتانية.
ب – الشخوص:
– الرقيب من الشخوص المزعجة التي عانى منها التروبادور، فالرقيب الذي يمنع الفتاة من أي اتصال خارجي قد يُصعّب من مهمة الفارس العاشق الذي يطمح إلى لقائها. فيقظة الرقيب تزيد من غبن العاشق وشوقه لا سيّما بعد استحالة اللقاء.
– والشعر العربي الغزلي يكاد لا يخلو من شخصية الرقيب التي حتّمتها تقاليد القبيلة في المجتمع العربي القديم حينذاك. وقد وظفها شعراء اللغة الأوكسيتانية في شعرهم، ومنهم التروبادور غيوم التاسع كونت بواتيه الذي يحدثنا في قصيدة من قصائد اللهو عن شكوى امرأة من رقبائها.
– وقد تطرق شعراء اللغة الأوكسيتانية أيضا إلى الوُشاة والعذّال والحُسّاد، ذكَروهم في قصائدهم وتحدثوا عما يسببونه من متاعب للعشاق، فهم في نظر الشعراء أداة التفريق بين الحبيبين يجب الاحتراس منهم وعدم تصديقهم.
– أما برنار مارتي (Bernart Marti)، وهو من شعراء منتصف القرن الثاني عشر للميلاد، فهو لا يرى فرقا ما بين هذه الفئة من الأشخاص والكفّار، فكلاهما لا يدخل الجنة، فهو يتمنّى لهم الجحيم لأنهم فرّقوه عن سيدته. وكان ابن قزمان أيضا يتمنّى كل المصائب للرقيب كما يتمنّى له أن يموت غير مسلم حتى يدخل نار جهنم.
– وكان ابن حزم الأندلسي (ت 1064م) قد أورد في « طوق الحمامة » أبوابا في هذا المجال، منها « باب العاذل » و »باب الرقيب » و »باب الواشي »، ولا يستبعد أن يكون شعراء لغة أوك الأوائل قد ألمّوا بهذه المضامين التي جاء بها ابن حزم في كتابه.
ج – السر والكتمان:
– كان الشاعر البروفنسي لا يتحدث عن المرأة إلا بألفاظ متسترة، وذلك احتراما لشرفها ومكانتها في المجتمع، وفي هذا الظرف، يعرض الشاعر عن ذكر اسم سيدته، لكنه يشير إليه بكنية ملغزة، تسمى (senhal) بمعنى الإشارة أو الرمز. ومن ذلك « الفارس الجميل » و »الجار الطيب » و »مولاي » وغيرها. هذه التسميات جلها مذكّرة، وكأن هؤلاء الشعراء يخاطبون رجالاً عظاما لا نساء.
– وفي « طوق الحمامة » أفرد ابن حزم الأندلسي في كتابه حديثا عن هذا الموضوع سمّاه « باب طي السر ». وقد استخدمه الشعراء البروفنسيون في شعرهم بطريقة شديدة الشبه بما وردَ عند الشعراء المشارقة والأندلسيين.
د – الخضوع والطاعة:
– كانت المرأة الأوروبية في القرون الوسطى تعد من أحقر المخلوقات، لا يأبه بها أحد، بل ومنبوذة من قبل الكنيسة. وفجأة، من خلال الشعر الأوكسيتاني، أصبح التروبادور يخضع للسيدة ويكنّ لها كل الاحترام والطاعة ويستسلم لها من أجل الحب، بل ويخدمها كما يخدم العبد سيده في حين أن تاريخ المجتمع الأوروبي، في تلك الفترة، يكشف عما يخالف ذلك. هذا التوجه الجديد أثار حفيظة رجال الدين واعتبروه منافيا لتعاليم الكنيسة.
– الشاعر غيوم التاسع، مع أنه كونت ودوق، أول من دعا إلى الخضوع (obedienza) للسيدة وطاعتها مقابل الرضا. غير أن طاعة الحبيبة فكرة ليست أصيلة في الشعر الأوروبي، ولم يرثها شعراء التروبادور من كتبِ الرومان أو اليونان، بل أخذوها عن العرب الذين عَرفوا هذا الموضوع قبل ظهور الشعر الأوكسيتاني.
– عبّر شعراء التروبادور عن هذه الفكرة بلفظة الخادم، بمعنى أن العاشق يخدم سيدته مثلما يخدم الفرسان والعبيد رجال الإقطاع والأمراء في العصور الوسطى، وهي وسيلة للسخرية من رجال الإقطاع.
– أما الشعراء العرب فقد عبّروا عن هذه الفكرة بلفظة العبد، وهي تختلف عن لفظة الخادم عند الأوروبيين، بمعنى أن العاشق يكون مُلكا للمعشوقة وعبدا لها، تماما كما يفعل السلاطين والملوك الذين اشتهروا بجمع العبيد من الغلمان والجواري، وكأن الشعراء أرادوا من خلال مذهبهم، السخرية من هؤلاء الملوك حين سمحوا للضعفاء مثل النساء أن يستعبدوهم.
هـ – الوفاء والتضحية:
– يأتي في الشعر الأوكسيتاني أن الفارس يعاهد سيدته على الإخلاص والوفاء لها حتى وإن تمادت في تمنّعها. وأما فكرة العهد والوفاء للحبيبة، فلم ترد في الشعر الأوروبي قبل القرن الثاني عشر الميلادي، بل ظهرت لأول مرة مع ظهور حركة التروبادور.
– وفي الأدب العربي أفرد ابن حزم الأندلسي باباً لهذا الغرض في كتابه « طوق الحمامة »، سمّاه « باب الوفاء » وأثنى عليه. لقد صوّر الشعراء العرب القدامى ضروبا من الوفاء لم يسبق لها مثيل في أشعار الأمم.
– ثم انتقل هذا الموضوع من المشرق إلى بلاد المغرب والأندلس ونظم على منواله شعراء القصيد والوشّاحون والزجّالون، معبرين عم إخلاصهم ووفائهم لحبيباتهم.
– في الشعر الأوكسيتاني يضحّي العاشق بكل ما يملك من أجل سيدته وهو مستعد للموت شهيدا من أجلها. وكان جوفري روديل قد هام بحب أميرة طرابلس الشرق ولم يرها قط، ومع ذلك فهو يصرّح في إحدى قصائده بأنه مستعد لأي تضحية من أجل رؤيتها حتى وإن كان ذلك الأسر عند المسلمين.
– ومن الغرابة أن يحدث مثل هذه الظاهرة في المجتمع البروفنسي الذي كان يسوده الصراع المادّي في القرون الوسطى. لقد تحدّث بعض الشعراء التروبادور عن الاستشهاد في سبيل الحب والحبيبة. لكن أوروبا في ذلك الوقت لم تكن تعرف معنى الشهادة حتى في حروبها المقدسة.

***

5 – الأغراض الأخرى:
أ – وصف الطبيعة:
– تعَود شعراء التروبادور على استهلال قصائدهم الغزلية بمقدمات ربيعية، فموضوع الطبيعة في الشعر البروفنسي الأوكسيتاني لا يأتي إلا متصلا بغرض الحب، ولم يصلنا من شعر التروبادور قصائد خالصة لموضوع الطبيعة، إلا عند المتأخرين في عصر النهضة الأوكسيتانية. وكأن هؤلاء الشعراء لا يشعرون بالحب إلا مع الأزهار ولا يستعذبون الغناء إلا مع تغريد العصافير.
– أما في الشعر العربي فإن موضوع الربيع قد يقترن بأغراض أخرى كالحب والخمر والوصف، وقد يأتي أيضا مستقلا. وما جاء منه مقترنا بالغزل ينتشر انتشارا واسعا في الموشحات؛ فالشاعر يستلهم محاسن حبيبته من جمال الطبيعة.
– ورغم تطابق بعض الخصائص في كلا الشعرين. إلا أن الشعراء الأندلسيين ذهبوا بهذا الموضوع إلى أبعد الحدود حينما قاموا بتشخيص عناصر الطبيعة الجامدة والحية في أشعارهم وهذا ما لم نلمسه عند شعراء البروفنس.
ب – الشعر الديني:
– إن الشعر الديني الذي ظهر في أوروبا قبل ظهور حركة التروبادور، كان عبارة عن مدائح نظَمها الرهبان بأسلوب لاتيني مباشر لا يختلف عن النثر. وفي عصر التروبادور ارتبط هذا اللون من الشعر بالحب وتمجيد المرأة. فمن الشعراء من استخدم الحب للهجوم على الكنيسة ورجالها، وأما الشعراء الموالين للكنيسة فقد عارضوا الحب الكورتوازي الذي اعتبروه دينا جديدا ودعوا إلى تمجيد السيدة مريم.
– كان الشاعر غيوم فيغيرا (Guilhem Figueira) (ت 1250م) الذي خصّص أغنية كاملة لهجاء البابوية، قد تجرأ على شتم الرهبان والحط من قيمتهم. وأما الكونت غيوم التاسع فقد دعا المرأة ألاّ تحب أحدا من رجال الدين.
– يرى التروبادور الذين كانوا في صراع دائم مع الكنيسة، أن رجال الدين لا يحبّون بل هم أعداء الحب والمجتمع معا. وفي الأندلس، كان بعض الشعراء أيضا في خصام دائم مع رجال الدين، ومنهم ابن قزمان الذي أكثر في أزجاله من هجو الفقيه (رجل الدين) الذي كان يضايقه في مغامراته المُجونية ويمنعه من شرب الخمر.
– وفي الشعر الأوكسيتاني يستغل التروبادور المناسبات الدينية، كرأس السنة الميلادية وغيرها، من أجل لقاء سيدته. وكذلك الشعراء الأندلسيون لم تفتهم هذه المناسبات، أما ابن قزمان فكان لما يتحدث عن « الناير » ينسى الحب ولا يذكر سوى أطباق الطعام وأنواع الفواكه.
– والناير أو الينير كما يسميه ابن قزمان هو عيد رأس السنة الميلادية وكان الأندلسيون يحتفلون به يوم أول يناير بتقويم جوليان (Julien)، وبعد سقوط الأندلس، استقر في شمال غرب الجزائر وشمال المغرب. والناير لا علاقة له بخرافة الفرعون شيشناق (Sheshonq) (ت 924 ق.م) كما يزعم دعاة الوثنية. وشيشناق كان مقربا من العائلة المالكة، فاعتلى العرش سلميا بعد وفاة بسوسنس الثاني (Psousennès II) سنة 945 قبل الميلاد لأن ابنه كان متزوجا من ابنة الفرعون.
ج – الشعر السياسي:
– قصيدة الحرب في الشعر الأوكسيتاني قد تكون أحيانا ممتزجة بإشارات إلى السيدة وذكر لحظات الوصال، وقد تأتي أيضا إشارات إلى الحرب في قصيدة الحب. يعد برطران دي بورن (Bertran de Born) (ت 1215م) من أكثر الشعراء تحمسا للحروب وقد عرف أيضا بشاعر الهجاء والتكسب.
– أما التروبادور ماركبرو فقد نظم قصيدة رعوية تهجم فيها على الحرب الصليبية، لأنها تسبّبت في فراق الحبيبين، فيصوّر لنا ذلك على لسان الفتاة الريفية التي تبكي فراق حبيبها الذي سيق إلى الحرب، متهجّمة على الملك لويس السابع (ت 1180م) الذي دعا إلى هذه الحرب وهي الحرب الصليبية الثانية سنة 1147م.
– وفي الشعر العربي، على مر العصور، غالبا ما تكون المرأة رمزا للوطن، يجب الدفاع عنه بكل الوسائل، فشرف الوطن من شرف المرأة. غير أن الشعراء العرب في القرون الوسطى لم يستخدموا قصيدة الغزل للسخرية من الملوك والأمراء، باستثناء العذريين الذين يكون بعضهم قد وظف ليلاه البعيدة المنال، رمزا للسطلة المغتصبة من قبل الأمويين حسب تصور الشاعر.
– وبعد، فإن الشعر الأوكسيتاني الذي نظَمه الشعراء التروبادور في جنوب فرنسا في القرون الوسطى طرق موضوعات وأغراض أخرى غير التي ذكَرناها، تأثر فيها هؤلاء البروفنسيون بالشعر العربي.

***

* – الأثر العربي في القصة الأوروبية:
– من الواضح أن الرواية والمسرحية، على اختلاف أشكالها واتجاهاتها، قد تأثر فيها العرب في هذا العصر، بالآدب الأوروبي. ومع ذلك، فإن العرب كانوا قد نقلوا القصة إلى أوروبا خلال القرون الوسطى.
– فالقصص التي ترجموها من الفارسية والهندية وهذبوها على طريقتهم كما زادوا فيها كألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة، قد تأثر بها كتاب الغرب في جل موضوعاتها، فمن ذلك شخصية شهرزاد، وقصص السندباد البحري، وعلاء الدين والفانوس السحري وغيرها.
– أما دانتي اليغييري، فرغم حقده على الإسلام بسبب تكوينه الديني، إلا أنه كان معجبا بالتراث الإسلامي. لقد أخذ من قصص المعراج ورسالة التوابع والزوابع ورسالة الغفران في تأليف « الكوميديا الإلهية ». كما تأثر أيضا في ديوان « الحياة الجديدة » بالصوفية العرب، وعلى وجه الخصوص، محي الدين بن عربي الأندلسي (ت 1240م).
– أما دانيال دي فو (Daniel de Foe) (ت 1731م) فقد نسج قصة « روبنسن كروزو » (Robinson Crusoé) على منوال قصة « حي بن يقظان » لابن طفيل الأندلسي (ت 1185م). وكان ابن سينا (ت 1037م) أيضا كتب عن هذه القصة.
– يعد لامارتين (Alphonse de Lamartine) (ت 1869م) من أشهر شعراء فرنسا من خلال ديوانه الشهير « التأملات ». وكان قد تأثر في قصيدته « البحيرة » (Le lac) بـ »سينية » البحتري (ت 897م) في وصف إيوان كسرى بالمدائن من ناحية الشكل والموضوع. غير أن لامارتين لم يقتصر على نظم الشعر فقط، بل كتب قصصا رائعة تأثر فيها بقصص ألف ليلة وليلة أشهرها (Geneviève). وكان لامارتين قد زار بلاد الشام وكتب عن المشرق.
– أما بوكاشيو الإيطالي (Boccaccio) (ت 1375م)، فهو أيضا كان مولعا بقصص ألف ليلة وليلة، ويتجلى ذلك من خلال كتابه المشهور « الأيام العشر » (Decameron)، وهي مجموعة من القصص التي تبدو وكأنها من الليالي العربية.
– أما غوته الأديب الألماني الكبير وصاحب فكرة الأدب العالمي، فقد كان قد اطلع على حضارة المشرق، كما تحدث عن العرب بصورة موضوعية.
– وأما سرفنتس الذي اشتهر بروايته « دون كيشوت » (Don Quixote) التي يسخر فيها من الحب الفروسي فقد كان مسجونا في مدينة الجزائر العاصمة. وكان قد وظف في هذه الرواية شخوصا عربية، إلا أن هذا الجندي لم يُعرف إلا بهذه الرواية التي يكون قد استوحاها من بعض الوثائق التي جلبها من الجزائر. ولم تنجح مسرحياته التي كتبها بعد رواية « دون كيشوت ».
– كان لافونتين قد تأثر بالقصة على لسان الحيوان، بالأخص كليلة ودمنة، إلا أنه استطاع أن يجعل من هذا الجنس الأدبي قصصا تعليمية موجهة للأطفال، فتأثر بها الأدب العالمي كما تأثر بها الأدب العربي في العصر الحديث.
– وهناك مواضيع أخرى في الأدب العربي تأثرت بها الآداب الشرقية والغربية قديما وحديتا، كما تأثر الأدب العربي هو أيضا بالآداب الأخرى وعلى الخصوص في الأنواع الحديثة.

* – البريد الإلكتروني:
م. عباسة

***

د. محمد عباسة: محاضرات في الأدب المقارن، جامعة مستغانم 2008م.

* – الصورائية ومجالاتها
1 – مفهوم الصورة الأدبية أو الصورولوجية:
2 – تاريخ دراسة صورة الآخر في الأدب المقارن:
3 – الاختلاف بين صورة الأنا وصورة الآخر:
4 – صورة العرب لدى أدباء الغرب:
5 – أهمية دراسة الصورة الأدبية للآخر:
6 – مصادر صورة الآخر:
7 – دراسة الصورة ومدارس الأدب المقارن:
8 – دراسة الصورة الأدبية والعلوم الإنسانية:
9 – فهم الآخر ومعرفته:
10 – دراسة صورة الآخر في الأدب:
ملخص:
1 – مفهوم الصورة الأدبية أو الصورولوجية:
الصورة الأدبية في الأدب المقارن هي الصورة التي تقدمها الآداب الوطنية للشعوب الأخرى.
قد تساهم في فهم الشعوب بعضها لبعض، وقد تشكل مصدرا من مصادر سوء التفاهم بين الأمم،
والصورة قد تكون صادقة، أو مزيفة، أو ناقصة، أو انتقائية، كما قد تكون واقعية، وخيالية وغرائبية.
2 – تاريخ دراسة صورة الآخر في الأدب المقارن:
ظاهرة صورة الآخر في الآداب الوطنية ظهرت منذ وجود الأدب،
غير أن دراسة الصورة الأدبية ظهرت خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر،
عندما قامت السيدة دي ستال بزيارة ألمانيا لعدة مرات، وحاولت في كتابها « من ألمانيا » تصحيح صورة المجتمع الألماني المشوهة عند الفرنسيين.
3 – الاختلاف بين صورة الأنا وصورة الآخر:
إن صورة أمة في أدبها الوطني (صورة الأنا) تختلف في الكثير من الأحيان عن صورتها في الآداب الأجنبية (صورة الآخر) ويرجع هذا التباين إلى عدة أسباب منها:
أ – إن الأديب يعيش في مجتمع يعرف عاداته وثقافته،
لذا فصورة الأنا تنجم عن معرفة الأديب للمجتمع الذي يصوره.
ب – وغالبا ما يقدم الأديب صورة لمجتمعه تعكس مدى علاقته بوطنه وتشده إليه، فيرسم لنا ماضي وحاضر وطنه الذي هو جزء منه، وهو يتطلع إلى مستقبله،
4 – صورة العرب لدى أدباء الغرب:
أ – رؤية بلاد العرب بعين أوروبية غير واقعية، وفقا لنظرة الأديب الخاصة.
ب – إن صورة المجتمع الشرقي كما يرونه، تلبي حاجة المجتمع الأوربي إلى الغرائبية، والتميز عن المجتمع الآخر والاستعلاء والتفوق الثقافي.
ج – وخلاف لذلك، قد تعبر الصورة الأدبية للآخر عن إعجاب الأديب لذلك المجتمع، ومن هؤلاء الأدباء « غوته » الذي رسم صورة إيجابية عن الشرق.
5 – أهمية دراسة الصورة الأدبية للآخر:
الهدف من دراسة الصورة الأدبية هو الكشف عن الصورة المزيفة، التي يرسمها الأديب عن الشعوب الأخرى.
6 – مصادر صورة الآخر:
غالبا ما يتعرف القارئ على صورة الآخر بواسطة الترجمة، والمجلات، والصحف،
كما يتم تلقي الصورة من خلال السينما والمسرح، وأدب الرحلات،
بالإضافة إلى دراسات المستشرقين على اختلاف ميولهم.
7 – دراسة الصورة ومدارس الأدب المقارن:
الصورة الأدبية التي دعت إليها المدرسة التاريخية تستند إلى أدب الرحلات والعوامل التاريخية، لكن المدرسة النقدية تعارض دراسة الصورة الأدبية ضمن اهتمامات الأدب المقارن، فهي في رأيهم تعتمد على التاريخ والسياسة وتبتعد عن جوهر الأدب.
8 – دراسة الصورة الأدبية والعلوم الإنسانية:
دراسة الصورة في الأدب المقارن كما تراها المدرسة التاريخية جاءت ناقصة وسطحية،
ولتوضيح الصورة يجب اللجوء إلى حقول معرفية أخرى إلى جانب الأدب،
لذا يجب على الباحث الاستعانة بالعلوم الإنسانية والاجتماعية لتوضيح الصورة،
ولا ينبغي إهمال دراسة الجانب الأدبي دون الخروج عن إطار المنهج.
9 – فهم الآخر ومعرفته:
أ – الصورة السلبية عن الآخر نظرا للمشاعر العدائية أو سوء الفهم،
فتصبح وظيفة صورة الآخر إثارة مشاعر العداء تجاه الآخر، والتضامن تجاه الأنا.
ب – الصورة الإيجابية عن الآخر حتى وإن كانت غير صادقة،
وهذا يبين مدى انبهار بعض الكتاب بثقافة الآخر وتنكرهم لثقافتهم.
ج – التسامح تجاه الآخر، وهي صورة برؤية موضوعية ومتوازنة،
والتسامح معناه الاعتراف بالغير وهو من أهم عوامل حوار الثقافات.
10 – دراسة صورة الآخر في الأدب:
تنقسم دراسة صورة الآخر في الأدب إلى قسمين:
أ – دراسة صورة الأنا في الآداب الأجنبية.
ب – دراسة صورة الآخر في الأدب الوطني قديما وحديثا.
النوع الأول من دراسة صورة الآخر يساعد على التعرّف على التشويه الذي تنطوي عليه صورة الذات في الآداب الأجنبية،
أما دراسة صورة الشعوب الأجنبية في الأدب الوطني فقد تكون إيجابية أو سلبية،
ومن ذلك ظاهرة التغريب في الأدب العربي.

***

* – جدلية الأنا والآخر
1 – صورة الأنا في أدب الآخر:
2 – صورة الأنا في الأدب الوطني:
3 – صورة الآخر في الأدب الوطني:
4 – الهوية الثقافية بين الأنا والآخر:
5 – بين التغريب والاستغراب:
ملخص:
– يقوم الكاتب بتصوير مناظر ومعالم البلدان الأخرى وعادات وتقاليد شعوبها،
وقد يصور أيضا ما يتعلق ببلده بطريقة إيجابية أو سلبية،
وهذا من أحدث ميادين البحث في الأدب المقارن،
– قد تكون الصورة التي يرسمها أدب بلد أجنبي لبلد آخر مستوفية كما قد تكون ناقصة،
والصور الناقصة أو المبتورة قلما تكون صادقة في تعبيرها عن ذلك البلد،
كما قد يصور الكاتب صورة مشوهة للآخر، لأسباب استعمارية أو دينية أو عرقية،
– ولا بد للباحث المقارن أن يبين جوانب الخطأ أو التشويه من هذه الصور ويشرح أسبابها،
فمثل هذه الدراسات يسمح للأمة بتصحيح صورتها تجاه الأمم الأخرى،
– يرجع دعاة التغريب إلى عصر النهضة، عندما دعا الطهطاوي بعد عودته من فرنسا إلى تقليد الغرب وتحرير المرأة على الطريقة الأوربية.
وكان هذا الواعظ قد انبهر بحضارة الغرب إلى درجة أنسته عاداته وتقاليده.
– إن التماهي مع الغرب والإساءة إلى التراث التي قام بها بعض الأدباء في عصرنا، كانت في معظمها بدافع الطمع أو المراهقة الفكرية،
فكم من أديب عربي أو شبه عربي تخلى عن مقوماته طمعا في الجوائز التي تقدمها البلدان الغربية، وفي مقدمتها جائزة نوبل،
فمنهم من يحارب الإسلام، ومنهم من يدعو إلى التعايش مع اليهود،
فعلى دعاة التغريب أن يعرفوا بأن الغرب لما نهل من مشارب الحضارة الإسلامية انتقى ما يلائمه ولم يتخل عن قيمه.
– وعلى النقيض من ذلك، دعا كتاب نظرية ما بعد الاستعمار إلى علم الاستغراب،
بغية دراسة ثقافة الغرب الاستعماري وتشريحها، والتحذير من نواياها، بطرق علمية، وذلك من أجل تفادي هيمنة المركزية الغربية.

***

* – حركة الاستشراق
1 – مفهوم الشرق عند الغربيين:
2 – الشرق والغرب في القرون الوسطى:
3 – ظهور الاستشراق:
4 – موقف المستشرقين من الإسلام والمسلمين:
5 – موقف العرب من المستشرقين:
6 – الغرب في نظر الشرق:
7 – دعاة التغريب:
ملخص:
1 – مفهوم الشرق عند الغربيين:
كلمة « شرق » كانت تطلق قبل الإسلام على الإمبراطورية البيزنطية في أوربا الشرقية،
لكن أصبحت كلمة « شرق » حاليا، غالبا ما يقصد بها الشرق الإسلامي الذي يضم بلاد العرب وبلاد فارس وبلاد الترك، بمقابل الغرب المسيحي.
2 – الشرق والغرب في القرون الوسطى:
أما رؤية أوربا تجاه الشرق فهي تختلف من عصر إلى آخر حسب تطور العلاقات الدولية، فالأوربيون كانوا يسمعون أخبارا مزيفة عن المسلمين،
ولم يفرقوا بين المشارقة والمغاربة فكلاهما يعتبرونه عدوا لهم.
3 – ظهور الاستشراق:
ظهرت في القرن الثامن عشر حركة الاستشراق بالتوازي مع حرك الاستعمار الغربي،
والمستشرق هو العالم الغربي الذي يهتم بقضايا الشرق في شتى المجالات،
قد تكون منطقة اهتمامه عربية أو إسلامية كبلاد فارس مثلا،
أما المستعرب فهو الدارس الغربي الذي يتخصص في حضارة العرب فقط،
4 – موقف المستشرقين من الإسلام والمسلمين:
جل المستشرقين الذين ينتمون إلى الجيل الأول نظروا إلى الإسلام نظرة حقد وازدراء،
ومن الذين كتبوا عن الإسلام بصورة عدائية فولتير، وفرانسوا فولني، وشاتوبريان، وأرنست رينان الذي كان يكن حقدا دفينا للعرب ودينهم،
بالإضافة إلى افتراءات دانتي في الكوميديا على الإسلام ونبي المسلمين.
5 – موقف العرب من المستشرقين:
يرى جل علماء العرب أن الاستشراق وسيلة وظفها الغرب للسيطرة على بلاد العرب وتهديم مؤسساتهم الدينية والثقافية،
لكن ليس كل المستشرقين كانوا تابعين لمؤسسات دينية أو سياسية، بل منهم من كان يعمل بهدف الاستكشاف والاطلاع،
ومن جهة أخرى تعلم علماء العرب منهج دراسة التراث وأدوات البحث من خلال مؤلفات المستشرقين.
6 – الغرب في نظر الشرق:
كان العرب في القرون الوسطى يرون في الغرب عالما متخلفا،
غير أن العرب لم تحركهم العصبية ولا السياسة في تقويمهم للمجتمع الغربي،
بل منهم تعامل مع الغرب تجاريا وسياسيا وحتى ثقافيا،
وبعد انحطاط الحضارة العربية الإسلامية اختلفت نظرة العرب نحو الغرب،
فمنهم من كان ينظر إلى الغرب نظرة إعجاب وانبهار ودعا العرب إلى لاقتداء بهم،
ومنهم من كان يحترز من المظاهر المادية التي لا تتماشى وتعاليم الإسلام،
ومنهم من رفض مطلقا حضارة الغرب بدافع التعصب.
7 – دعاة التغريب:
يرى بعض الباحثين أن الحضارة الغربية حضارة إنسانية، لذا يجب تبنيها دون تردد،
وهذه دعوة تغريبية القصد منها التنصل عن الأصل والارتباط بالغرب،
وهذا ما كان يعمل من أجله الاستعمار وهو محو ثقافة الأخر وبسط نفوذه عليه.

***

* – نظرية ما بعد الاستعمار
1 – المفهوم والمصطلح:
2 – دعائم نظرية ما بعد الاستعمار:
3 – رواد نظرية ما بعد الاستعمار:
4 – الأدب في مواجهة التغريب:
ملخص:
1 – المفهوم والمصطلح:
تعد هذه نظرية من أهم النظريات الأدبية والنقدية التي رافقت مرحلة ما بعد الحداثة، بعد أن هيمنت الثقافة الغربية على الفكر العالمي.
تعمل هذه النظرية على تشريح الإيديولوجيات الغربية، وكشف الثقافة الغربية الاستعمارية.
يصطلح عليها بنظرية ما بعد الاستعمار، أو الخطاب الاستعماري.
2 – دعائم نظرية ما بعد الاستعمار:
ترتكز نظرية ما بعد الاستعمار في حقل الأدب والنقد على مجموعة من المنطلقات الفكرية:
– فهم العلاقة بين الشرق والغرب، ومقاومة سياسة التغريب،
– تشريح الخطاب الاستعماري،
– الدعوة إلى التمسك بالمقومات الوطنية والدفاع عن الهوية،
– مواجهة الاستشراق السلبي، والمطالبة باحترام ثقافة الآخر.
3 – رواد نظرية ما بعد الاستعمار:
كتاب ونقاد ومثقفون من الغرب والشرق أو العالم الثالث،
ومنهم الكاتب الفلسطيني إدوارد سعيد صاحب كتاب « الاستشراق »، الذي تأثر في نقده الثقافي، الذي يحلل الخطاب الاستشراقي، بمنهج الفيلسوف الفرنسي جاك ديريدا، وميشيل فوكو، والإيطالي أنطونيو غرامشي،
ومنهم الباحث الهندي هومي بابا (Homi Bhabha)، ومن مؤلفاته كتاب « مركز الثقافة »،
أما الناقدة الهندية سبيفاك (Spivak)، التي تعد من المؤسسين الفعليين للخطاب الكولونيالي الجديد،
ومن الكتاب العرب، حسن حنفي صاحب كتاب « مقدمة في علم الاستغراب »،
ومنهم أيضا فرانتز فانون (Frantz Fanon)، وهو من الكتاب الذين ارتبطوا بنظرية ما بعد الاستعمار، وفي كتابه « المعذبون في الأرض »، يحلل فانون طبيعة الاستعمار.
4 – الأدب في مواجهة التغريب:
تعتبر الحركة الزنجية من أهم التيارات الثقافية الإفريقية التي وظفت الأدب في الرد على التغريب الاستعماري،
وكذلك بعض الكتاب العرب في المشرق الذين دعوا إلى استشراق مضاد ووظفوا أقلامهم في مواجهة هيمنة الثقافة الغربية،
أما الأدب المغاربي فهو أيضا يشكل ردا قويا على الغزو الثقافي الاستعماري في المنطقة،
فهؤلاء جميعا، انتقدوا الهيمنة الثقافية الغربية ورفضوا صورة الذات كما يراها الغربيون في ثقافتهم.

***

* – النماذج البشرية
1 – النماذج الإنسانية العامة:
2 – نماذج بشرية مأخوذة من الأساطير القديمة:
3 – نماذج مصدرها ديني:
4 – نماذج مصدرها أساطير شعبية:
5 – الشخصيات التاريخية:
ملخص:
1 – النماذج الإنسانية العامة:
– يصور الكاتب نموذجا إنسانيا عاما في الأدب.
– ومنها نموذج البخيل، والبخل صفة من صفات الرذيلة.
– وقد يصور الكاتب نموذجا إنسانيا صالحا ذا فضائل حميدة.
2 – نماذج بشرية مأخوذة من الأساطير القديمة:
– يختار الكاتب منها ما يتسع للتأويل.
– وأشهر هذه الأساطير شخصية « أوديبيوس » عند اليونانيين، وكذلك « بيجماليون ».
3 – نماذج مصدرها ديني:
– وهي المأخوذة عن الكتب المقدسة.
– وغالبا ما يبتعد بها الكتاب قليلا أو كثيرا عن مصادرها.
– ومنها شخصية يوسف وزليخا، والشيطان وقابيل وغيرها.
4 – نماذج مصدرها أساطير شعبية:
– هذه النماذج من الأدب الشعبي والتقاليد الشعبية.
– ولا تعد في الأدب المقارن إلا إذا أصبحت عالمية.
– منها شخصية « شهرزاد »، « فاوست »، « رستم »، و « دون خوان ».
5 – الشخصيات التاريخية:
– يتناولها الباحثون بالدرس حين تدخل الأدب، وتكتسب طابعا أسطوريا.
– ومن هذه الشخصيات، ليلى والمجنون، ومنها أيضا شخصية كليوباترا.

***

* – أدب الرحلات
1 – مفهوم أدب الرحلات:
2 – أنواع أدب الرحلات:
3 – أدب الرحلات عند العرب:
4 – الرحالة الغربيون وحضارات الشرق:
5 – خصائص أدب الرحلة:
ملخص:
1 – مفهوم أدب الرحلات:
ينقسم أدب الرحلات إلى عدة موضوعات وأشكال، منها الرحلة الخيالية والرحلة الواقعية،
وقد تكون الرحلة دينية وعلمية وسياحية واستكشافية وتجارية وجغرافية ودبلوماسية وغيرها،
وأدب الرحلة عبارة عن مذكرة يقوم بها الرحالة من أجل نقل صورة الآخر في زمان معين،
2 – أنواع أدب الرحلات:
أ – الرحلة الدينية:
القصد من الرحلة الدينية، الحج أو نشر تعاليم الدين، ومن أشهر الرحلات في هذا الميدان، الرحلات الحجازية وكذلك المزارات عند مختلف الشعوب،
ب – الرحلة العلمية:
أما الرحلة العلمية فهي من شيم المسلمين، أطلبوا العلم ولو في الصين، وما قصة موسى مع الخضر إلا دليلا على ذلك، لذا ارتحل الكثير من العرب المسلمين سعيا من أجل العلم،
ج – الرحلة الرسمية:
بدأت البعثات الدبلوماسية عند العرب في العصر العباسي والعصر الأموي بالأندلس، حيث تبادل العرب مع الإفرنج السفارات،
د – الرحلة الخيالية:
وهي رحلات باطنية ناتجة عن تجربة دينية عند المتصوفة، أو ذهنية عند الأدباء،
ومن القصص الأوربية، « روبنسن كروزو » لدانيال ديفو، التي تأثر فيها بقصة « حي بن يقظان » لابن طفيل.
3 – أدب الرحلات عند العرب:
تعود العرب منذ القدم على الرحلات والأسفار, وكان الرحالون يدوّنون مشاهداتهم عند عودتهم, وقد وصلت إلينا بعضها عن طريق مصادر المؤرخين،
وفي العصر الحديث، أصبح أدب الرحلات من الأنواع الأدبية، ومن هذه النماذج، « تخليص الإبريز في تلخيص باريز » لرفاعة رافع الطهطاوي (ت 1873م)،
4 – الرحالة الغربیون وحضارات الشرق:
أهتم الرحالة الأوربيون بحضارات الشرق منذ القرون الوسطى لدواع مختلفة،
وقد اعتمد على مصادر الرحلات بعض المستشرقون بغية الكشف عن حضارة الشرق تمهيدا لخطط الاستعمار الاستيطاني،
وبعد ذلك أصبحت للرحلة أهداف علمية، فكان الرحالة الأوربيون يذهبون إلى المشرق من أجل المعرفة والاستكشاف ووصف المجتمعات الشرقية،
5 – خصائص أدب الرحلة:
يجمع أدب الرحلة ما بين الجغرافية والتاريخ والقصة والشعر والآثار ويتميز بخاصية التشويق والغرائبية، لذا فهو يهم المؤرخ وعالم الجغرافية وعالم الآثار والأديب وغيرهم من الباحثين،
كما أن الباحث يعتمد على أدب الرحلات لمعرفة صورة الأنا في أدب الآخر أو صورة الآخر في الأدب الوطني، من أجل الكشف عن طبيعة العلاقات التي كانت سائدة بین الأمتين.

***

* – أدب الرحلات في العصر الحديث
1 – الرحالة العرب:
– الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية، شكيب أرسلان
– جولة في ربوع أوروبا بين مصر وأيسلنده، محمد ثابت
– الواسطة في معرفة أحوال مالطة، أحمد فارس الشدياق
– كشف المُخبَّا عن فنون أوربا، أحمد فارس الشدياق
– رحلة الأندلس، محمد لبيب البتنوني
– رحلة إلى أوروبا، جُرجي زيدان
– تخليص الإبريز في تلخيص باريز، رفاعة رافع الطهطاوي
– السفر إلى المؤتمر، أحمد زكي
– شرق وغرب، محمد حسين هيكل
– نور الأندلس، أمين الريحاني
– جولة في ربوع الدنيا الجديدة بين مصر والأمريكتين، محمد ثابت
– ذكريات باريس، زكي مبارك
2 – الرحالة الأجانب:
– بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن، هنري غيز
– الأمير ردولف، الرحلة إلى الشرق
– رحالات فارتيما، فارتيما الملقب بالحاج يونس
– رحلة الألف ميل، إميليا إدواردز
– الرحلة إلى الشرق، بيار جورد
– رحلة العالم الألماني هابنسترايت إلى الجزائر وتونس وطرابلس، ج. أو. هابنسترايت
– رحلة جوزيف بيتس إلى مصر ومكة المكرمة والمدينة المنورة، جوزيف بتس المدعو الحاج يوسف
– رحالة وأدباء فرنسيون إلى مصر، جون ماري كاريه
– رحلة إلى الشرق، جيرار دي نرفال
– رحلة بيرتون إلى مصر والحجاز، رتشار بيرتون
– اثنتان وثلاثون سنة في رحاب الإسلام، ليون روش

***

* – أعمال تطبيقية
1 – الإجابة عن سؤال واحد من الأسئلة التالية في ورقة مزدوجة وتسليمها قبل الامتحانات:
– مفهوم الصورة الأدبية أو الصورولوجية
– جدلية الأنا والآخر في الأدب
– صورة الجزائر في الأدب الأوروبي
– صورة العرب في الأدب الأوروبي
– صورة المرأة الأجنبية في الأدب العربي
– صور الاستعمار في الأدب الجزائري
– صورة الاستعمار في الأدب العربي
– صورة أوروبا في الأدب العربي
– صورة أوروبا عند أدباء النهضة
– صقلية في رحلة ابن جبير
– الهند في رحلة ابن بطوطة
– بلاد البلغار والروس في رحلة ابن فضلان
– المستشرقون والتراث العربي الإسلامي
– التغريب عند بعض الأدباء العرب
– الاستغراب عند أدباء العرب والأفارقة
– أسطورة أوديب في الأدب العالمي
– يوسف وزليخا في أدب الشعوب الإسلامية
– ليلى والمجنون في الأدب الفارسي
– شهرزاد في الأدب الأوروبي
– كليوبترا في الأدب الأوروبي
– الشرق عند الرحالة الأوروبيين
– الرحلة العلمية عند الغربيين
– الرحلة الخيالية عند دانتي
– صورة الوطن في الأدب العربي
2 – بحث حول موضوع من مواضيع الصورائية أو أدب الرحلة أو الاستشراق وغيرها من 3 إلى 6 صفحات
3 – يسلم البحث للأستاذ قبل امتحانات السداسي الثاني

* – البريد الإلكتروني:
م. عباسة

***

د. محمد عباسة: محاضرات في الأدب المقارن، جامعة مستغانم 2008م.

***

صاحب الموقع غير مسؤول عن الإشهار الذي قد يكون غير لائق والذي يظهر أدناه، فهو مفروض من قبل إدارة (WordPress) مقابل استضافة المواقع
***